- كتب: عبدالحكيم الفقيه
الورقة التاسعة
صارت الرواية -رغم عمرها القصير- راسخة الأقدام، عميقة الجذور كشكل أدبي نثري استطاع أن يكسب الملايين من القراء الذين وجدوا في الرواية بغيتهم، ومن المعروف أن الخيال متعة للهروب من قسوة الواقع، الرواية نتاج للطبقة الوسطى التي ظهرت مع البرجوازية في عصر نشوء الرأسمالية الأوروبية التي شكلت المدينة بأنظمتها وقوانينها ومدنيتها وبيروقراطيتها على حساب الاقطاع الريفي الزراعي الذي تراجع امام التصنيع المدني، والرواية نتاج الحرية الفردية التي انتزعها النضال ضد هيمنة الكنائس والمؤسسات الدينية، والحرية هي الرحم الذي نشأت فيه الرواية وانبثقت.
وليست الرواية نبتة شيطانية غريبة وفجائية بل هي امتداد للملاحم والنثر القصصي المتراكم لدى الأمم. بالاضافة إلى الترجمات التي آخت بين الشرق والغرب وارتبطت الرواية بالقراء سريعا بسبب قربها منهم حيث تعبر عن طموحاتهم وتطلعاتهم ووصفها للواقع المعاش فلا يشعر القاريء بغموضها وغربتها بالإضافة لاكتنازها على حوارات كحوارات حديثهم اليومي ونماذج من الشخصيات تشبههم ولغتها القريبة من لغتهم اليومية المألوفة. وتبنى الروايات على معادلات ورموز فنية لها دلالات واشارات موضوعية فالرواية تستخدم الشخوص والاحداث كرموز لأحداث الواقع سياسيا واجتماعيا وثقافيا وتتطلب يقظة الروائي حتى يتمكن من السيطرة على شخوص روايته وخيوط لعبة الأحداث حتى يتمكن من السيطرة على مكونات وعناصر روايته وإمتاع القاريء الذي يعتبر أحد عناصر التقييم النقدي الحديث للرواية.
تتبع غدا الورقة العاشرة.