- كتب: فارس العلي
ما تعرض له الدكتور قائد غيلان من كمية السب والشتم والتسفيه وانتهاك للعرض وللحق النقدي الذي تكفله كل الأعراف والتقاليد وآداب الحديث جريمة بحد ذاتها في حق الإختلاف بالرأي وتقبل الرأي الآخر، كما هو جريمة في حق شخص الدكتور قائد غيلان وعائلته، وفقط لأنه أبدى رأيه تجاه طريقة الفنان الكبير أيوب طارش في طريقة تعامله مع الكلمات، ومع اختلاف رأيي عن ما قاله عن أيوب لكن في الأخير يبقى رأيه.
أيوب طارش ليس ثابتا وطنيا، وليس حُجة فنية على اليمنيين تبجيلها والخضوع لتمثيلاتها الموسيقية، أيوب الفنان ليس الوحيد الذي أعطى سلوة شجونه من أغان وطنية وأخرى للأرض والإنسان والحب، يبقى أيوب فنان له مقدرة محددة(فبعضهم) وهؤلاء قد يكونوا جمهوريين أو ملكيين، من الشرعية أو حوثيين، تعزيين أو يمنيين يعجبهم أو قد لا تعجبهم أغاني أيوب والأخيرين من النادر إيجادهم إلا بصعوبة مع أنهم ملح الإختلاف وهم من يصنعون فضاء صحي وايجابي لتطوير الذائقة الفنية اليمنية.
أحدنا قد تعجبه عشر أغاني لأيوب طارش بالكثير، ويرى آخرون أن ألحان وأداء أيوب طارش وأغانيه تشبه الطابور الطلابي لمعهد المعلمين أيام حزب الإصلاح، وهناك أغلبيه أصبح أيوب بالنسبة لهم منتهى الأشياء ومع هؤلاء يكون التعصب دائما والذي يؤدي في النهاية إلى تجييش أعمى حتى في الفن، ومنهم أيضا أمي وإخواني فأيوب مرحلة وذائقة فنية أستمتع به حتى شخصيات إرهابية.
ما الغلط في عدم إعجاب أحدنا بعمل فني كان أغنية أو شعر أو..الخ، ما الذي يجعل رأي لكاتب عرضه للانتهاك والتجريم للحد الذي يجعل من العمل عرضة للانتهاك، يمكن لأي رأي شجاع أن يقول أن أغاني أيوب طارش لا تعجبني ولا استصيغها فالمفترض أن لا يحتاج صاحب هذا الرأي بأن يكون بالضرورة (شجاع) إلا في حال وجود تسلط وممارسات قمعية واختلال فضيع في منظومة التفكير والسلوك لدينا، وفنان نقول أنه بحجم اليمن مثل أيوب طارش، إذ أنه لا يحتاج العصبية للدفاع عنه ولا المذهبية أو المناطقية ولا العنصرية ولا للبيوت والمنتديات طالما وبُحة صوته تمتد من تعز إلى صعدة فبعض الحوثيين أنفسهم على سبيل المثال يسمعون أغاني أيوب ولا دخل للسلالية في رأي قائد غيلان لأنه علوي فيما قاله، وبالتالي رأيه ليس استهداف ضد الجمهوري أيوب طارش فهذا فيه الكثير من الإسفاف.
ما الذي يجعل من ايوب طارش فنان السفهان بوجود كل تلك الشتائم من جمهوره المحب؟.
ما الذي يجعل غالبية المعلقين على المنشور وفي الأماكن الخاصة والعامة من أبناء اليمن كلها وليس من تعز فقط مع أن الأخيرين يتعصبون لفنان عابر للهويات الصغيرة وكأن نقد أعماله الفنية انتقاص من حق واحدة من أهم حواضر اليمن؟.
من الذي ينفخ باستمرار في تشظي اللحمة الوطنية والتماسك الإجتماعيين ولو على حساب فنان كبير مثل أيوب؟
من الذي جعل بيت الموسيقى اليمني يقيم فعالية إحتفائية بأيوب طارش فقط للرد على رأي قائد غيلان؟.
في رأيي يفترض بأيوب طارش رفض هذه الفعالية نظرا لهذه التداعيات، موقفا يجعل منه فنان اليمن الكبير.. إن كانت هذه مصادفة فبالتأكيد كنت سأرفضها لو كنت مكان أيوب، وإلا ما معنى هذا القفز على الهوية الفنية لليمن وهو تكريس وتحوير وتقييس يسيء لأيوب وللفن اليمني.
لدينا فنانين يمنيين كبار كُثر وأيوب أحدهم ونقول فيهم رأينا بشكل واضح إذ أن رأيي في أن الأستاذ أحمد السيندار لا تعجبني منه سوى أربع أغاني بالكثير ولن ينزعج اليمنيين بهذا الرأي، إذن، لماذا يصبح رأي غيلان بأغاني أيوب مسفها ومناطيقا وسلاليا أيضا، المسألة ليست هكذا!.
إنه لمن العجب بحق البحث عن معارك سياسية وإجتماعية من باب الفن، الفن العابر للقارات وللغات و للهجات، ويمكن للكثير إيجاع بعضهم البعض منذ أصبح الرأي جريمة مقيسه سياسيا واجتماعيا وأيديولوجيا و دماغوجيا..
التمزق والتفتت الإجتماعي في اليمن والتحريض على التنمر وممارسة السادية والعدوانية وانتهاك الأعراض والتكفير وربما القتل أيضا، أحد مخرجات اللادولة وأحد مؤشرات الوعي الخطير و المؤسف في هذه البلاد.
جملة من الرأي تجاه عمل فني لمؤدي لا تعجب أغانيه بعض الناس لا تجعل من صاحبه عرضه لهذا السفه والعته الجماهيري الكبير، وعموما هذا ليس إلا اليسير مما يمارس من انتهاك منظم للآخرين تجاه قضايا وإشكالات مختلفة لمجتمع يمني مليء بالأمراض والضيق الذي أعاد البلاد إلى لغة القوة والحرب وتراجع مساحة الرأي والتعبير، وحِدة الرأي هذه هي من أوجدت مبررات بدواعي وغير دواعي لأن يكون صاحب الرأي في عداد الموتى.