- كتب: حسين السهيلي
منذ بداية الحرب الكارثية والقطاع المدني عبر ” المؤسسات والجمعيات والمنظمات المحلية ” الغير حكومية تعمل على تخفيف معاناة الناس بالشراكة مع الوكالات والمنظمات الأممية والدولية وكان لتدخلاتها ولايزال الأثر الكبير جداً في إغاثة النازحين وإيصال الغذاء والمياه والدواء ومتطلبات العيش الأساسية إلى السكان المتضررين في عموم مناطق اليمن وفي أصعب الأماكن، وخلف خطوط النار وجبهات القتال، في الوقت الذي انهارت المؤسسات الحكومية، وغادر رجال المال والأعمال إلى خارج الوطن.
لقد أعادت منظمات المجتمع المدني تشغيل المرافق الحيوية والخدمية التي توقفت في السنوات الأولى من الحرب، وعززت صمود المؤسسات المالية، ووفرت مصادر عيش للكثير ممن فقدوا أعمالهم ووظائفهم.
ورغم ما قدمه ويقدمه القطاع المدني إلا أن منظماته ومؤسساته تتعرض للكثير من العراقيل والتعقيدات، من قبل الجهات الحكومية المنقسمة والسلطات المحلية المتعددة الولاءات.
اشتراطات تعسفية أمام طلبات التراخيص لتنفيذ مشاريعها وأنشطتها، وإملاءات غير منطقية تلبي رغبات الجهات المتنفذة، ولا تتوافق مع مبادئ العمل الإنساني. وفوق ذلك يتم تفريخ وخلق مؤسسات وجمعيات يراد لها أن تكون بديلاً للمنظمات المحلية الفاعلة بدون خبرة ولا بناء مؤسسي وبدون أدلة سياسات ولا إجراءات ولا حوكمة.
وبالانتقال إلى القطاع الخاص وتعامله مع المنظمات المحلية وكيف يتنصل من المسؤولية الاجتماعية. فبالرغم من جهودنا الحثيثة في منظمات المجتمع المدني لبناء شراكة حقيقة مع القطاع الخاص في اليمن، من أجل البناء والتنمية، فإن القطاع الخاص يتنصل عن تفعيل المسؤولية الاجتماعية ومعظم أصحاب الشركات والمؤسسات التجارية ورجال المال والأعمال مثلت لهم الأزمة الإنسانية فرصة لمراكمة الثروات وحماية مصالحهم والإبقاء على احتكارهم للسلع والأسواق.
لا تزال المسؤولية الاجتماعية في منظور القطاع الخاص تبرعات خيرية وصدقات موسمية ومكرمة رمضانية وكسوة عيدية، ومن ظهر الى العلن بمؤسساته وشركاته فإنه يتحايل على الوفاء بالمسؤولية الاجتماعية بإنشاء جمعية خيرية لا تخرج عن كونها واجهة دعائية، ومظلة للتهرب الضريبي.
لا ننكر الضرر الذي لحق بالقطاع الخاص جراء الحرب، وتبعات الانقسام في المؤسسات العامة الخدمية والمالية، لكن المرحلة تتطلب من القطاع الخاص، أن يتقدم برؤية طموحة ووطنية عامة ليقوم بدوره في التنمية والتعافي الاقتصادي وإعادة إعمار اليمن.
ـ على منظمات المجتمع المدني إدراك ثقلها، ومعرفة نقاط ضعفها وقوتها، والمضي باستراتيجية موحدة وخطة مناصرة لتوطين العمل الإنساني في اليمن، ومد قنوات التواصل والحوار مع كافة الشركاء والأطراف والمنظمات الأممية والدولية، ككيان موحد له قوته وحضوره الفاعل الذي يمثل المجتمع بفئاته وشرائحه المتعددة.
ـ كما أناشد الجهات الحكومية أن تؤمن بدور منظمات المجتمع المدني كشريك حقيقي في بناء السلام والتعافي والتنمية، والضلع الثالث إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص، فنحن شركاء لا خصوم.
ـ يجب العودة إلى إطار العمل ضمن وثيقة الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني المتفق عليها عام 2013؛ لتمكين المنظمات المحلية، وتسهيل الشراكات مع القطاع الخاص، ودعم المبادرات التي تعزز قدراتها باعتبارها عوامل حاسمة في التعافي والتنمية وإعادة إعمار اليمن. وكسب ثقة المانحين والمستفيدين والمجتمعات المحلية.
ـ يتوجب على القطاع الخاص ومن خلال الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية إنشاء قنوات تواصل وآلية فعالة للتنسيق مع منظمات المجتمع المدني وتفعيل المسؤولية الاجتماعية التي تحدث أثراً وتغييراً حقيقياً في واقع المجتمعات المحلية، وتظهر الدور الوطني للقطاع الخاص تجاه هذا البلد الذي يمثل السوق المستهلك لمنتجاته والحاضن لاستثماراته.
ـ وعلى القطاع الخاص الانتقال من الاعمال الخيرية التي لا تتجاوز الصدقة والإحسان إلى تفعيل المسؤولية الاجتماعية التي تلمس نتائجها المجتمعات المحلية.
ـ وعلى المانحين والمنظمات الأممية والدولية أن تدرك بأن تحسين فاعلية وأثر العمل الإنساني وكفاءته لن يتحقق إلا بالوفاء بالتزامات توطين العمل الإنساني، مع ربط التدخلات الإنسانية بالتنمية والتمكين الاقتصادي للأفراد والمجتمعات، وتعزيز دور المنظمات المحلية في منظومة العمل الإنساني.
وبدون ذلك سنظل كمن يحرث في البحر، في هذه البلد المنكوب بنخبه التي تتصارع على الفتات والمصالح الشخصية والضيقة، ليسود العبث، ويموت الضمير وتغيب عن الحكمة.