اكد سكرتير منظمة الحزب الاشتراكي اليمني، باسم الحاج، بإن هناك كثير من القضايا الرئيسية في محافظة تعز تتطلب توجه وإرادة سياسية جادة لإيجاد نموذج سلطة محلية رشيدة ببعد تنموي مع الحاجة لإصلاحات حقيقية في إطار المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وأضاف، في لقاء خاص لبرنامج المساء اليمني على قناة بلقيس: “أن الاخفاقات الحاصلة، لها أسباب موضوعية، حيث لها علاقة بالحرب والحصار وضعف مؤسسات الدولة بشكل عام، والوضع العام غير المستقر”.
وتابع: “لكن هذه الأسباب لا تعفي السلطات المحلية من أن تتحمل جزءا من مسؤولية تعثر بعض الملفات المتعلقة بالجانب الخدمي، وتقوية وتحسين أدائها وأداء مكاتبها التنفيذية، لا سيما الملفين الأمني والعسكري، والإشكالات الكبيرة فيهما، إضافة إلى تداخل وظائف السلطات الأمنية والعسكرية مع المحلية”.
وأشار إلى أنه “من المهم أن يتم ترتيب عدد من الأولويات المتعلقة بالاختلالات سواء في إطار السلطة المحلية أو في إطار المؤسستين الأمنية والعسكرية”.
وذكر أن “هناك مظاهر اختلالات بنيوية في إطار المؤسستين الأمنية والعسكرية في تعز، وهذا يرتبط بطبيعة تشكيلهما، حيث شكلتا بعيدا عن القواعد المهنية والعسكرية، وأيضا تشكلت ضمن شروط خارج استقلال القرار السياسي الرسمي للحكومة”.
وقال: “هناك ألوية عسكرية شكلت دون قرار رسمي، وكونت خارج إطار القواعد العسكرية المهنية المتعارف عليها، وتدفق مال سياسي لرعاية هذه الألوية، منها لواء استحدث في مدينة التربة جنوبي مدينة تعز، ولواء آخر يسمى لواء النصر استحدث مؤخرا في منطقة البيرين ولواء النقل”.
وأضاف: “عندما نتحدث مع قيادات مع السلطات المحلية والعسكرية في تعز حول هذه الألوية، لا يعطوننا مبررا لوجود مثل هذه القوات، وهو مظهر من مظاهر الاختلالات”.
وتابع: “هناك أيضا تعيينات لقيادات عسكرية وفي مواقع متقدمة داخل ألوية المحور، من خارج المؤسسة العسكرية في الوقت الذي لا يتم استدعاء عدد من القيادات العسكرية والمهنية، وهناك تسييس وتحزيب لهذا الملف، وهناك مظاهر ملشنة، وتدخل في الموارد، وشغل في التهريب، وهناك تواجد لعدد من القيادات والقوات الأمنية والعسكرية في عدد من المنشآت العامة والخاصة”.
وأردف: “وجود الخطاب الديني أيضا بطابعه الوهابي داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، خارج الثقافة الوطنية والجمهورية، أمر في غاية الخطورة، يجعل المليشيات العسكرية موزعة بين خطاب الوهابي وخطاب الملالي”.
وأشار إلى أن “هذه الاختلالات ليست في تعز فقط وإنما في جميع اليمن، لكن تعز هي النموذج الذي ينشده اليمنيون في أن يكون عنوان حقيقي ورئيسي للدولة الوطنية، وهو ملف يحتاج إلى إرادة سياسية جادة من السلطات العليا”.
وأفاد أن “بعد 9 أشهر من التسوية التي تمت في الرياض، وما ترتب عليها من تشكيل لجنة لعمل إصلاحات في المؤسستين الأمنية والعسكرية، إلا أننا لم نسمع حتى الآن بوجود مصفوفة إصلاحات واضحة في هذا الملف”.
ويرى أن “ما وصفها بالازدواجية الموجودة في المؤسستين الأمني والعسكري، وإنشاء الألوية خارج القواعد القانونية، وتدخل المؤسسة العسكرية في مهام السلطات المحلية، وغيرها من الاختلالات، بدون وجود إصلاحات واضحة ومعروفة أمام الأحزاب السياسية والرأي العام، يعطي مؤشرا سلبيا أن الملفين الأمني والعسكري لا يزالا متعثرين ولا توجد إرادة سياسية جادة تلبي حاجة اليمنيين بإصلاحهما، وهما ملفان يمثلان عائقا أمام أي تقدم في بقية الملفات”.
واعتبر أن “الملفين العسكري والأمني يمثلان عائقا أمام المشروعية الشعبية، فاستناد مراكز قوى ونافذين على القوات المسلحة، أمر ينفي أي سلطة تستند في مشروعيتها على الناس”.
وفي حديثه عن الانقسامات والخلافات البينية بين المكونات والقوى، قال الحاج: “قمنا بإطلاق مبادرة المصالحة والسلم الأهلي على إثر الأحداث التي حدثت في مناطق الحجرية، من اقتتال بيني، وعلى إثر الحساسية حينها من القوات الموجودة في الساحل، ونظرا لضعف جسور الثقة بسبب عدد من الملفات الأمنية، والكثير من الملفات، التي تقتضي تسويتها ومعالجتها والوقف تجاهها بكل صراحة كأحزاب سياسية”.
وأوضح أن “الهدف من المبادرة الوقوف أمام هذه الملفات والأسباب التي أدت إلى تصاعدها وتناميها، وعمل معالجات تضمن عدم تكرارها، وهذا يتطلب بالتأكيد إصلاحات وتدابير مؤسسية جادة، وكل هذا يشكل منفذ رئيسي وبوابة للملفات التنموية والخدمية”.
وأضاف: “بعد إطلاق المبادرة وعمل لقاءات ونقاشات، تم تكوين لجنة للمصالحة من 5 من القيادات سياسية، والتي أقرت مؤخرا توسيع العضوية لأطراف أخرى، وهناك لجنة استشارية أخرى”.
وتابع: “المبادرة فيها الحزب الاشتراكي، وحزب الإصلاح والحزب الناصري، وأيضا سيكون المكتب السياسي والمؤتمر في اللجنة لاحقا، خصوصا وأننا بدأنا بها نحن الثلاثة الأحزاب بشكل طوعي، ونحن على تواصل حول هذا الأمر مع الرئيس العليمي، قبل أن يكون رئيسا، ومازلنا حتى الآن، وأيضا مع رئيس الحكومة ومع رئيس البرلمان ومع كل الفاعلين السياسيين”.
وفي حديثه عن ملف حصار تعز، قال الحاج: “لا توجد إرادة جادة من المجتمع الدولي ازاء ملف حصار تعز وأيضا ازاء عملية سلام حقيقية وشاملة ومستدام ينتصر لليمنيين ويبني دولتهم”.
وأضاف أن “هناك رعاية دولية لمسارات حرب أكثر من رعاية مسارات متقدمة من المفاوضات تفضي إلى تشييد سلام دائم، وملف حصار تعز مرتبط بالملف الوطني، والملف الوطني مرتبط بملفات أخرى في المنطقة، وفي العام 2023م، سيكون هناك نوع من التسكين لعدد من الملفات في المنطقة، ضمنها الملف اليمني”.
وتابع: “أي توجه جاد لبناء سلام ولمفاوضات تفضي لبناء سلام، لن يتحقق ما لم توجد إرادة جادة لتصفية البنية التحتية المولدة للحرب والمغذية لاستمرارها، وهذا يترتب عليه تجفيف المنابع والموارد التي تغذي المليشيات وتقويها”.
وأكد أن “على أبناء محافظة تعز وعلى اليمنيين بشكل عام إذا أرادوا الخروج من هذه الحرب أن يشكلوا مقاومة مدنية لا عنفية”.
ولفت إلى أن “الخيارات المدنية هي شكل من أشكال النظال الشعبي السلمي المهمة، والتي شكلت نجاحات لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها، وكان في ثورة 2011، والربيع العربي دليل واضح، والتي اسقطت عدد من الأنظمة العسكرية والدكتاتورية”.
وأشار إلى أن “الحصار المفروض على تعز أوسع من كونه ملف حصار طرقات فقط، بل إنه يمتد إلى ملفات أخرى منها المياة والخدمات الصحية ومسألة التخلص من النفايات، وهذا يتطلب التفكير بشكل جدي لكسره عبر أجسادنا البشرية المسالمة والمقاومة والرافضة لاستمرار هذا التعنت”.
ويرى أن “ملف حصار تعز أخذ زخمه في المفاوضات الأخيرة ولم يكن بهذا الحضور إلا بفضل وقفات وضغط وحملات إعلامية مارسها شباب وشابات تعز، حيث كان لهم دور فعال في إبراز هذه القضية، وإحرازها مكان في المفاوضات أفضل بكثير من أي وقت سابق”.