صدر حديثا في القاهرة عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، ديوان جديد للشاعر اليمني محيي الدين جرمة تحت عنوان (هم احتطبوا دمي) ايتفرد يتحاربخ الشعرية عبر قصيدة النثر.. بالرغم من أن أول محطة للشاعر اليمني محيي الدين جرمة قد أنطلقت من التجريب الذي تميز به جيل التسعينيات المشهود له في اليمن، وهو الجيل الذي أمتلك رؤاه وسماته المتباينة كبصمة إختلاف في الخطاب الشعري العربي، إلا أن العين النقدية في العالم العربي، قد غذتها مآلات مادية عبر مقارباتها لتجارب في بيئات الطفرة، على حساب تجارب الهامش..
ولأن تنافذات التجربة الشعرية في اليمن قد دأبت عبر نماذج منها للكتابة بصمت، فقد رسم شعراؤها وضمنهم محيي الدين جرمة مسارات وآفاق خاصة وسمت تجاربهم بحداثة تدين السكوت في الصمت، وتنحاز إلى بلاغة الأخير، وأسئلة الكتابة التي مثلت هما لجيل بكامله، أنعتق برؤيته حتى من شرانق التعليب والتحقيب الأجيالي، على مدى العقود الماضية لينتج شعريات سمتها الذهول الجارح في كل هذا الغياب.
وفي خضم ذلك لعل الشاعر محيي الدين جرمة قد أستأنس مبكرا الكتابة والتحليق في فضاء قصيدة النثر كخيار فني له تبعاته التي تتسق ورؤيته ومضامين ومواقف الشاعر أو الأديب، متمردا فنيا خارج سرب الإستشكالات الرؤيوية الأخرى في مهاد القصيدة العربية الحديثة..
إلا أن ديوانه الأول “غيمة جرحت ماءها” الحاصل على جائزة الشارقة للإبداع العربي أواخر التسعينيات، قد أفصح عن تجربته تمثل مفارقة من ” العنوان”، وهو ماحدا بالشاعر اليمني المعروف والناقد عبدالعزيز المقالح إلى القول في سياق هذا الجيل”إن عنوان” غيمة جرحت ماءها” للشاعر محيي الدين جرمة يشكل ديوانا بحد ذاته.
وفي السياق إذ ننتبع قليلا بحثا عن ملامح تجربة جرمة المتغايرة، فإننا نلفي حضوره الفني في قصيدة التفعيلة ومهاراته منذ ديوانه الأول الآنف، في حين أن تتابع إصداراته كديوان (حافلة تعمل بالدخان والأغاني الرديئة) في طبعته الأولى الصادرة في صنعاء عن مؤسسة الشرق عام 2013 ونسخة طبعته الثانية المتاحة حاليا على كيندل أمازون، كما تفصح عن ذلك سيرته الذاتية، تدل على أن الشاعر يتعمد التصالح مع أشكال الشعر الأخرى، ويمتلك زمام تجريبه الخاص لتفسير ربما وحده الشاعر من يجد مبرره “في رؤية وحدس التجربة لديه”.
وعلى غير عادة كثيرين ممن أتسمت تجاربهم بحال من “السلفية الشعرية” إن جاز التعبير، أو التزمت حيال بقية الأشكال الأجناسية الأخرى، فان جرمة يقدم هنا تجربة جديدة من خلال احدث اصداراته الشعرية( هم احتطبوا دمي” ديوانه الصادر حديثا في القاهرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ،سلسلة (الإبداع العربي)،
ويقول جرمة لأخبار الخليج الثقافي : “إن عملي الشعري الجديد ، يمثل تجربة جديدة في كتابة تفعيلة متخففة من الغنائية والتشابهات والانثيالات الفارطة”.
- عن صحيفة أخبار الخليج