- كتب: محمود ياسين
عندما تتصدع الدولة الوطنية تكون القوة الأيديولوجية أو العسكرية أو المناطقية المنشقة الأكثر تماسكا وجاهزية وتنظيما هي البديل..
لا خطة منذ الستينات كما يتم الترويج له، وكانت قوة مايعرف بـ ” الهاشمية السياسية ” تعمل للحفاظ على التنظيم والوجود الكافي للبقاء والقدرة على حماية الوجود، وكان الحوثيون في اكثر واعلى طموحاتهم يريدون صعدة فحسب، حوزات ومدارس ومساجد..
تصدعت الدولة في صنعاء وكانوا هم الأقرب، وما كانت تلك الدولة المتبقية قادرة على الصمود والمضي قدما بتلك التشكيلات والصراعات وكانت تكوينات تلك الدولة من مؤتمر وإصلاح ورموز قبلية وعسكرية منقسمة ومتصارعة هي من اسقطت الدولة، مضافا لذلك كله نحن وهادي.
والأهم: كيف كانت دولة الوحدة عقب الفين وأحد عشر لتبقى بتلك التنويعة هنا في صنعاء وصالح مسلح والحوثي يتقدم وكيانات الربيع منقسمة وبلا خطة ولا وجهة غير جاذبية الشعارات ؟ حراك جنوبي انفصالي متفاقم ، وصعود أو طفو كل أمراضنا المناطقية والطائفية وأخيرا الحركة الحوثية ذاتها في الطريق من صعدة إلى صنعاء، إذ كانت جزءا أساسيا من المعضلة وإفصاحا عن النتيجة في ذات الوقت.
الحادي والعشرين من سبتمبر لم تواجه دولة أو تستحوذ عليها، لقد تقدمت على انقاض دولة وبمساندة من بقية رموزها وإلا لما كانت على ذلك القدر من السهولة، كلما هنالك أنها حظيت بكافة شروط الاستبدال، وعلقت فيما بعد في اختلاق شخصية تاريخية مذهبية لذلك الاستبدال وراحت تمجد رموز تلك الشخصية التي لم يكن لها أي دور في الوصول لصنعاء.
من يبني على الواقع يبقى ومن يبني على الميراث يتبدد، هكذا هو امر معادلة سقوط وقيام الدول..
لا يدرك الحوثيون أنفسهم أن سر قوتهم في كونهم أوجدوا إدارة بديلة لدولة تصدعت، وبقوا في العاصمة التي هي رمز وأيقونة الدولة، وبذلك فحسب تحقق لهم ثلثي النصر..
وعندما لا تعي أسباب وجودك وبقائك تذهب لارتجال أسباب أخرى ميتافيزيقية” صراعية ” لا تحتاجها أنت ولا الناس..
تقدمت صوب صنعاء وهي تتصدع وتطاير كل رموز الممانعة والقدرة على الفعل من أمامك كأنك هززت شجرة مسكونة بالخفافيش، تطايروا فجأة وذهبوا لتتلقفهم شجرة غنية بالموارد ولا يمكنهم النزول عنها..
هذا هو الحال، استدراج التاريخ وأوهام الميراث..
هناك دائما لحظة إدراك أو غفلة هي من تحدد أمر المستقبل.