- كتب: طاهر شمسان
الحل سيأتي من الخارج، ولن يكون حلاً بقدر ما سيكون ترحيلاً لمشاكلنا، هل رأيتم مركز دراسات ظهر وأعطى لنا تقييما علميا لما حصل في هذ البلد ولماذا حصل؟ ثم عرض علينا توصيات الحل؟ هل رأيتم مفكرا واحدا أعطى تقييما لما حصل وقدم قائمة بالحلول المقترحة؟ هل رأيتم حزبا سياسيا أنشغل بتقييم المشكلة واقتراح الحلول؟
إن المحسوبين علينا سياسيين والممسكين بزمام الأمور هم الحلقة الأضعف فكرا ورؤية وخيالا، ومثلهم الإعلاميون الذين يسوقون القضايا، نحن ضائعون بين سياسيين لا يعرفون من السياسة سوى العنف والإقصاء وإعلاميين لا يعرفون من الإعلام سوى التحريض والبذاءات، ولو استقرأنا واقعنا الذي مضى وصار تاريخا، وحاضرنا الذي يحتكم إلى ذلك الماضي سنجد أن الحل لم يكن يأتي من الداخل وإنما يفرض علينا من الخارج ووفق مزاج الخارج وشروطه، ولكن لماذا لم يكن يأتي من الداخل؟ لأننا لا نحترم بعضنا بعضا، ولأننا استمرأنا التبعية، وليس بيننا من ينظر إلى مخاوف الآخر ويحاول أن يستوعبها في الحلول التي يفكر بها.
بعد هزيمة العرب في يونيو حزيران 1967 كانت المشكلة اليمنية على هامش قمة اللاَّءات الثلاث في الخرطوم، وعلى خلفية تفاهم بين عبد الناصر والملك فيصل حصلنا على حل ملغوم لم يعطنا استقرارا حقيقيا، وفي ثورة الربيع العربي جيء إلينا بالمبادرة الخليجية فرحبنا بها وتقبلناها، وحتى هذه اللحظة لا يوجد لدينا تقييم لتلك المبادرة ولماذا فشلت، مضى علينا وقت طويل تغيرت فيه أشياء كثيرة إلا أسئلتنا لم تتغير وإنما تتكرر.
لم يتجرأ طرف من أطرف الصراع أن يقترح حلا يتوفر على شروط إقناع موضوعية، ولو أن أشياء من هذا القبيل تحصل معنا لكنا قد راكمنا خبرات تساعدنا على تحسين مبادراتنا اللاحقة. والحل في كل الأحوال ليس رؤية يقدمها هذا الطرف أو ذاك ويحاول فرضها على الآخرين.
اليمنيون جميعهم يعلمون يقينا أن مشكلتهم تكمن في عدم وجود الدولة الجامعة والضامنة، لكنهم لم يتجردوا لتحقيق هذا الهدف، بعضهم يهرب من أسئلة الدولة ويدعي أنه هو الدولة، والبعض الآخر يهرب إلى اتهام الآخرين بأنهم لا يريدون دولة، والعوائق أمام التجرد لفكرة الدولة هي عوائق نفسية وثقافية ومعرفية.
نفسيا كل طرف يخشى إذا جاءت الدولة أن يفقد كل ما بيده، إنه العجز عن التفكير بمصلحة الذات والآخر والمواءمة بينهما، الحاصل أن كل طرف يرى أن مصلحة الأطراف الأخرى ستأتي على حسابه.. إنها الأنانية المفرطة، ووراء ذلك عوامل كثيرة تاريخية وثقافية واقتصادية …..الخ
ثقافيا كل طرف لديه هوية متخيلة للذات تجعله يتوهم أن ما يقوم به هو الصواب وبالتالي لا يريد أحدا أن يسلبه هذا المخيال.
ومعرفيا لدينا عائق الأمية، وغياب التفكير النقدي والعلمي، فضلا عن موروثنا الديني الذي نتوهم أنه معرفة ناجزة وصالحة لكل زمان ومكان، إننا نعيش ذهنيا خارج العصر، وهذا لا يجعلنا ننظر إلى مشاكلنا بمنظور موضوعي.
الدولة بالنسبة لنا لغز، ونحن متحفظون على نماذج الدول التي تحتويها الخارطة السياسية للعالم ونتوهم أن لدينا النموذج الأفضل..
الحل ليس تمنيات وإنما تجرد ومبادرات تستوعب الجميع وتعترف بالجميع.