تدفع أزمة الغذاء العالمية المتصاعدة 260,000 طفل، نحو المعاناة من الهزال الشديد وسوء التغذية، وذلك كعدد يضاف إلى المستويات الكارثية لنقص التغذية بين الأطفال، التي حذّرت منها اليونيسف الشهر الماضي، مؤكدة أنها تدفع العالم إلى “شفير مستويات كارثية” من سوء التغذية.
وتقدر اليونيسف أن ما لا يقل عن 40 مليون طفل في 15 بلدًا ومنها اليمن، يعانون انعدام شديد في الأمن التغذوي، أي لا يحصلون على الحد الأدنى من التنوع الغذائي الذي يحتاجونه لينموا في طفولتهم المبكرة.. إضافة إلى أن 21 مليون طفل يعانون من انعدام شديد في الأمن الغذائي، مما يعني أنهم يفتقرون إلى إمكانية الحصول على أغذية كافية تلبي احتياجاتهم الغذائية الدنيا، وهو ما يجعلهم معرضون لخطر الإصابة بالهزال الشديد.
واستجابة إلى ذلك، تسعى “اليونيسف” اليوم، إلى مضاعفة جهودها في تلك البلدان، والتي ستشمل إثيوبيا، وأفغانستان، وبوركينا فاسو، وتشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، والسودان، والصومال، وكينيا، ومالي، ومدغشقر، والنيجر، ونيجيريا، وهايتي، واليمن، وذلك في خطة مستعجلة تفاديا لحدوث زيادة في وفيات الأطفال والحد من الأضرار الطويلة الأجل للهزال الشديد.
وأشارت السيدة كاثرين راسل،المديرة التنفيذية لليونيسف، “نحن نشهد بداية الدخول في المستويات الكارثية لهزال الأطفال. إن المساعدات الغذائية حاسمة الأهمية، ولكن لا يمكننا إنقاذ الأطفال الذين يتضورون جوعاً عبر إرسال أكياس من القمح، فعلينا تزويد هؤلاء الأطفال بأغذية علاجية قبل فوات الأوان”.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، مع تأهب القادة للالتقاء في قمة مجموعة الدول السبع، وإطلاق المنظمة نداءً عاجلاً للحصول على 1.2 بليون دولار: “من الصعب وصف معنى أن يكون الطفل مصاباً “بالهزال الشديد”، ولكن عندما يلتقي المرء طفلاً يعاني من هذا الشكل الأشد فتكاً من أشكال سوء التغذية، فإنه يفهم ذلك — ولا ينساه أبداً. وثمة نافذة صغيرة من الفرصة أمام القادة العالميين المجتمعين في ألمانيا للمشاركة في قمة مجموعة الدول السبع ليتصرفوا لإنقاذ أرواح هؤلاء الأطفال. وما من وقت لنهدره، فالانتظار حتى الإعلان عن مجاعة هو انتظار لأن يموت الأطفال”.
وكان برنامج الغذاء العالمي في اليمن قد دق ناقوس الخطر قبل أيام قليلة، بتعليق أنشطته هناك، وهو ما يزيد من احتمالات المجاعة في هذا البلد المنكوب، الذي يواجه بالفعل أسوأ مأساة إنسانية في العالم.
وقال برنامج الغذاء العالمي، في بيانه، إن تعليقه لأنشطته في مجال المساعدات الغذائية في اليمن، يأتي بفعل نقص في التمويل الدولي، واحتياجه ميزانية تقدر بنحو مليار ونصف المليار دولار، لمواصلة هذه الأنشطة ، مشيرا إلى أنه لامفر من قطع المساعدات الإضافية، خلال الأشهر المقبلة ما لم يتم تعبئة أموال إضافية بشكل عاجل.
ولفت برنامج الغذاء العالمي، إلى أن تعطل إمدادات القمح العالمية الناجم عن الصراع الروسي الأوكراني، يهدد بتفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن، مع تصاعد أسعار القمح العالمية، وتضاؤل مخزونات القمح في البلاد، وتراجع القوة الشرائية للقطاع الخاص اليمني، حيث تبلغ ورادات اليمن من القمح، من كل من أوكرانيا وروسيا، ما يقدر بنحو 46 في المائة، بينما يغطي برنامج الأغذية العالمي، ما يقرب من ربع احتياجات البلاد من الغذاء.
ويرى مراقبون أن تحذير برنامج الغذاء العالمي، من تدهور الموقف الغذائي في هذا البلد المنكوب، يحمل اليوم دلالات أكثر خطورة حقيقة، كونه يأتي والعالم بأسره يواجه مخاطر تتعلق بعدم توافر الأغذية ، وارتفاع هائل في أسعار الأغذية عموما، جراء الصراع الروسي الأوكراني، الذي يدخل شهره الخامس.
يشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي، مساعدات غذائية إلى حوالي 13 مليون شخص شهريا في اليمن، لكنه اضطر مؤخرا إلى خفض الحصص الغذائية إلى النصف، بسبب نقص التمويل، وبات يخدم ثمانية ملايين شخص فقط، فيما يبقى خمسة ملايين شخص، معرضين لخطر الانزلاق في ظروف المجاعة .
ووفقا لأرقام الأمم المتحدة ، فإن برنامج الغذاء العالمي قدم لليمنيين العام الماضي أكثر من مليون طن من الطعام، وأكثر من 330 مليون دولار، على شكل مساعدات نقدية ، وقسائم للأسر ، في جميع أنحاء البلاد .