..
- كتب: محمود الحاج
ياسبتمبر قل لأكتوبر
كل منا أمسی في قبر
(أصللت) كما (أريضت)
أنا وتلاقينا في مجری (العبر)
لك الله ياربان الشعر أيها الرائي المتفرد فاقد البصر ولم يفقد البصيرة.. ما الذي رمی إليه شاعرنا بهذين البيتين السياسيين ضمن قصيدة عمرها يربو علی الثلاثة عقود؟
هل نظر بعيني زرقاء اليمامة إلی ماوصل إليه 14 أكتوبر و 26 سبتمبر الثورتان اليوم وأمسيا في قبرين؟!
ماذا لوعاش كبيرنا الذي علمنا الشعر إلی اليوم ليری مصير صاحبيه؟؟!
وبالعودة إلی مطلع الثمانينيات سنجد أن مارمی إليه شاعرنا، هو حسب وجهة نظره تراجع نظام الجنوب وذهابه إلی (صلالة) العاصمة الثانية لسلطنة عمان للترسيم والعمولة ملتحقا بنظام صنعاء الذي (أريض) ويقصد هرولته إلی الرياض بائعا ومتسولا..!!
(1)
ضمن لقاء صحفي مع الأستاذ البردوني أجرته معه
صحيفة كويتية بعد الوحدة، رد علی سؤال عن رأيه في
الوحدة فقال: الوحدة تمت بسرعة وستنتهي بسرعة.. وبعد حرب 94 قال ألم أقل أنها ستنتهي..؟!
وردا علی سؤال الصحيفة، عن رأيه في الديمقراطية
في اليمن رد الشاعر الكبير بقوله: (الحديث عن الغائب نميمة) !!
وعلی اثر ذلك أتصل به الرئيس صالح غاضبا:
_ مابتقول يا أعمی مابش ديمقراطية ولا وحدة؟!
رد عليه الأستاذ: أنا أعمی وليس علی الأعمی حرج..
حاول صالح أن يشتريه بكل الوسائل ففشل !!
(2)
عاش البردوني الذماري المولد طفولة معجونة باليتم
والحرمان، ثم العمی .. فقد ماتت أمه وهو طفل بعد إن فقد بصره وهو في سن الخامسة، وفي قصيدة عن أمه قال:
تركتني هاهنا بين العذاب
واستراحت وحدها بين التراب
تركتني للشقا وحدي هنا
ومضت ياطول حزني واكتئابي
لقد واجه قسوة الحياة وشظف العيش والحرمان من مقومات الحياة في قريته بردون الحداء بذمار، التي لم تكن تختلف كثيرا عن غيرها من مناطق وواقع عيش وظلام حياة نظام وحكم متخلف مستبد..
فقال وهو في حالة يأس:
ياحياتي وياحياتي إلی كم
أحتسي من يديك صابا وعلقم
وإلی كم أموت فيك وأحيا
أين مني الشقا العميم المطلسم
إلی أن قال:
لم أجد ما أريد حتی المعاصي أحرام علي حتی جهنم
والبيت الأخير جلب عليه متاعب تغطيسه في بركة ماء شديدالبرودة ذات شتاء ذماري !!
(3)
المرأة في حياة البردوني أكثر من سواه من المبصرين
يشده صوتها ويهتز قلبه لوجودها بالقرب منه ..
تزوج مرتين، الأولی من المحويت كانت طيبة جدا في
معايشته وأحبها كثيرا حتی توفاها الله فتزوج بصنعانية ذات مستوی تعليمي عال ولم يجد ما وجده في الأولی.. ولم ينجب منهما ربما عقما لديه..
سألته في إحدی مقابلاتي التلفازية معه:
أستاذ عبدالله في قصيدتك عن دكتورة الأطفال:
دكتورة الأطفال إني هنا
من يوم ميلادي بلا مرضعه
ترينني كهلا وفي داخلي
مجاعة أعتی من الزوبعه
وقد نشرتها في ديوانك وهي عن طبيبة روسية كانت
ترعاك عندما كنت نزيل المستشفی هل كان تعلقك
بها نتيجة الحرمان؟ا
فأجابني علی الفور:
والله يا محمود إني محروم لليوم..!
وألحق كلامه بضحكته البردونية.. وفي بغداد منتصف
السبعينات كانت شاعرة عراقية (آمال الزهاوي) شديدة
الاعجاب بشعره ودائمة السؤال عنه وزيارته في الفندق،
فتعلق عقله وقلبه بها حبا وقال:
أأظمأ في العراق برافديه وفي بغداد (آمال الزهاوي)!!
لكنه ترك بغداد حزينا، لأن العطش أنهكه رغم جريان نهري العراق الرافدين..!!ا
وأخيرا .. هاهم الذئاب أستيقظوا يا أستاذ عبدالله
وصاروا أكثر استئذابا مما كانوا في حياتك..!!
ومازال الختام يبحث عن ختام..!!