- غادة المقطري
هند واحدة من النساء اليمنيات..
تقول هند كنت أعيش بمحافظة الحديدة على راتب زوجي الشهري ونحاول قدر المستطاع التعايش معه..
ولكن ما إن طالتنا يد الحرب اللعينة انطلقنا هاربين إلى مكان آمن تاركين خلفنا كل شيء..
ليستقر بنا الحال في مديرية الشمايتين – محافظة تعز.
وهنا بدأت المعاناة تتجسد في أقسى صورها..
كنت أجهل ما يخبئه القدر لي كامرأة تعول خمسة أطفال أكبرهم بلغ العاشرة من عمره..
ماذا سأقول؟! تقف الكلمات عاجزة عن وصف ذلك لقد صادفت وعائلتي أشد أنواع الجوع والمرض والبرد وافتقرنا إلى أبسط الاحتياجات ..
افترشنا الأرض والتحفنا السماء ، أياماً وأياماً طويلة وأنا أعزي نفسي وأولادي بالصبر على الجوع.
لم أستطع أن أُلحق أطفالي بالتعليم رغم ذكائهم وكان هذا الأمر أشد ماقد تعيشه الأم ..
مر عام كاملاً بكل تفاصيله المؤلمة.
وفي ليلة سوادها الحالك كان يخيم على الأرض ولم أستطع النوم كنت أفكر إلى متى سيظل حالي هكذا..
أنا لست ضعيفة لأنتظر المساعدات من أيادي الآخرين أستطيع أن أكون..
بدأت أزرع في أعماقي عبارات الأمل فانبعث في قلبي قوة لم أكن أعلم بها ..
ولم أذق طعم النوم تلك الليلة ، ظللت واقفةً على النافذة الطينية أنتظر حتى أشرقت شمس الدنيا وعانقت بخيوطها الذهبيةالأرض..
تركت أطفالي نائمون ذهبت إلى أحدى النساء الفاعلات في المنطقة التي أسكن فيها ، طلبت منها العون قلت لها أريد أن ألتحق بأي تدريب خاص بتمكين النساء ، ومن هنا تبسمت في وجهي الدنيا فقد عملت جاهدةً حتى أوصلتني إلى أحد البرامج الذي كانت تعمل في تمكين النساء وخصوصاً الأرامل ، التحقت بدورة الخياطة ، وبدأت أتمكن منها ويوماً بعد يوم أصبحت ماهرة في الخياطة وتم منحي ماكينة خياطة..
بدأت العمل عليها ليل نهار وبدأت أكسب الرزق لي ولأطفالي..
بدأت النساء تتواصف عن جودة أعمالي التي أنتجها.
فازداد عدد زبائني ولم أستطع توفير طلباتهم بشكل كامل ولم أكن ألحق على طلباتهم كاملة..
لم أتوقف هنا واكتفي بهذا فقد بدأت بعض المراكز والمعاهد بالتواصل معي لتعليم الأخريات مقابل مبلغ من المال..
وبدأت حياتي تتغير تماماً وأعدتُ أطفالي للالتحاق بالمدرسة مرت أربعة أعوام وأطفالي يحرزون المراكز الأولى ..
وأنا أصبح لي عملي الخاص والمستقل.
تقول هند في نهاية كلامها.. أنا ابنة ٤٧ عاماً ، لست كبيرة جداً ولكن كنت أشعر بالشيخوخة وأنا أعيش المعاناة أما اليوم وأنا صاحبة مشروع خاص بي ولدي ١٠٠ طالبة أقوم بتعليمهن وأسهم بتغيير مصيرهن أشعر أني مازلت في ريعان العمر وأستطيع تقديم المزيد من النجاح ..
نحن نستطيع أن نكون .. لا يوقفنا شي والكثير مثل هند اليوم أصبح لديها مشروعها المستقل الذي تجاوزت به كل ظروفها الصعبة.