- عبدالمجيد التركي
أفسدتني المدينة..
أردد اسم (العاقل) عشرات المرات كل يوم
أحتفظ برقمه في قائمة الهاتف..
ليس بيني وبينه أي معرفة،
يقرأ اسمي مكتوباً بخط عريض على اسطوانة الغاز فقط..
لم يصادف وجهي في أي صحيفة،
يؤلمني أن أحتفظ برقمه لهذا الغرض.
صاحب الـ(وايت) أيضاً وضعت رقمه في قائمة المفضلة..
أتصل به كل أسبوع
ويتصل به ابني وجميع إخوتي،
يأتي فأتذكر ذلك المقطع الترحيبي في فيلم الرسالة،
وأتذكر ماء القرية المجاني الذي لا يضطرك إلى الاحتفاظ بأرقام الغرباء.
بائع البترول في السوق السوداء
لا أنسى أن أرسل له بانتظام: جمعة مباركة يا غالي.
في القرية
لن أتحدث عن الكوليرا
لن أنشغل بقراءة أخبار الرئيس العالق في برزخ الرياض،
ولن أضطر إلى مشاهدة القتلى وقراءة التعازي كل يوم،
سأخفي عنهم أنني كنت صحفياً
وأعيش بدون مرتب منذ سبع سنوات.
للمدينة قدرة على تدجين الجبال وتحويلها إلى مخازن للصواريخ..
على تعبيد طريقك بالسواد..
كل شيء في المدينة معلب
يختصرون الرجولة في حبة زرقاء
والشفاء في حبة سوداء.
سأعود إلى القرية،
ما زال اسمي محفوراً على أحجارها التي اختبأت من شراهة الديناميت..
ما زالت مكحلة الجامع الكبير تعرف عيوني،
وما زال وجهي مرسوماً على زجاج النوافذ
وأنا أبتسم لنفسي كل صباح
وأتجنب ألا تنقسم صورتي في مرآة الصالة المشروخة.