- كتب: سعيد الصوفي
وتطبق على الأشخاص في أي مكان وفي أي وقت. وعلى هذا الأساس انتقد فتوريا بشكل صارخ سلوك الفاتحين المسيحيين في حروبهم التي خاضوها في جنوب أمريكا ووسطها ضد الإنكا وهي أمبراطورية قديمة بنتها شعوب من الهنود الحمر في ” بوليفيا والبيرو والأكوادور وجزء من شيلي والارجنتين ” . والأزتك،وهي إمبراطورية “حكمت من وادي المكسيك ووسطها وحتى شرق خليج المكسيك وجنوباً إلى غواتيمالا “. واعتبرها حروب استيلاء وأدانها بقسوة باعتبارها غير عادلة.
وشهدت القرون التالية إهمالاً كبيراً لهذا التقليد حيث جرى التركيز على صياغة قواعد قانونية عملية – قوانين وتقاليد الحرب – التي تحكم السلوك الحربي بما في ذلك معاملة السجناء على النحو الذي جرى في لاهاي ( 1899- 1977)،واتفاقيات جنيف ( 1864) وتعديلاتها (1906، 1929، 1949، 1977). بيد أنه ما لبث أن أعيد اكتشاف تقليد الحرب العادلة في النصف الثاني من القرن العشرين بشكل رئيسي على أيدي رجال اللاهوت ( الأب جون فورد وبول رامسي) وجرى تطويره بشكل كبير على جانبي الأطلسي بهدف تقديم إطار أخلاقي للجدل المستعر آنذاك حول أخلاقيات السلاح النووي، وعلى الرغم من أن الجدل عن اخلاقيات السلاح النووي قد تلاشي مع نهاية الحرب العالمية الثانية، إلا أن الجدل حول تقليد الحرب العادلة استمر، بل ذهب بعض السياسيين إلى اختراع لغة قريبة فأطلقت الولايات المتحدة الأمريكية على عمليتها العسكرية في بنما العام 1989، اسم ” العملية العادلة ” بهدف وضع نهاية للجدل حولها.
على الرغم من أن تقليد الحرب العادلة كان له أصل مسيحي، فإنه جرى تطويره بشكل يتعارض مع نظريات الحرب التي شُنت باسم الدين، فالحملات الصليبية والحروب المقدسة مرفوضة؛ حيث أن التقليد يستند إلى القانون الطبيعي ويهدف إلى مناشدة أصحاب العقول في كل مكان.