- كتب: سعيد الصوفي
بدأ الحديث عن معنى الحرب العادلة كنقاش عام في الأوساط الدينية المسيحية،
وفي سعيه المتواصل للتعامل مع هذا التحدي المتعلق بمعنى الحرب العادلة اعتمد القديس/ الفيلسوف أغسطين ليس فقط على تعاليم المسيحية ولكن أعتمد أيضاً على القانون الروماني وعلى حكمة الفلاسفة الكلاسيكيين من قبيل شيسرون ، وتوصل في نهاية الأمر إلى أن المسيحي يمكنه الدخول في حرب فقط إذا ما كانت عادلة : “كقاعدة عامة تعرف الحروب العادلة بأنها تلك التي تكون ثأراً من ظلم، إذا ما تغاضت الأمة أو الدولة التي تُشن الحرب عليها عن معاقبة خطأ ارتكبه مواطنوها، أو لاستعادة شيء ما جرى الاستيلاء عليه بغير الطريق الصحيح “.
وتطور التقليد بشكل أكثر نتيجة لحركات السلام التي قادتها الكنيسة في الفترة من القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر حيث سعت الكنيسة من خلالها إلى التقليل من مأسي الحروب، من خلال تقييد أيام القتال ” هدنة الرب” و” سلام الرب ” و” الثلاثاء المقدس “. مثل هذا التقليد كان قد سبقه العرب بالجزيرة العربية قبل عدة قرون حين حددوا ما عرف بـ “الأشهر الحرام ” التي لا يجوز فيها القتال، وأقرها الإسلام عند ظهوره في القرن السادس الميلادي.
وعلى الرغم أن الالتزام بهدنة الرب جرى على الصعيد النظري فقط حيث هاجمت الحملة الصليبية الرابعة القسطنطينية يوم ” الثلاثاء المقدس “، فقد سعى ” سلام الرب ” إلى توفير الحماية لبعض الأشخاص أثناء الحرب من مثل رجال الكنيسة والفلاحين الذين يحرثون الأرض، وتم تدعيمها بتقاليد الفروسية التي كانت تحرم مهاجمة النساء والأطفال. حيث كان يعتبر الفارس الأصيل من غير الشهامة مهاجمة هذه الفئات.
وفي القرن الثالث عشر بدأ توما س الأكويني – من خلال تجميعه عناصر من تقليد القرون الوسطى وتعاليم أرسطو – في إعادة تشكيل ملامح الحرب العادلة لتأخذ شكلاً معاصراً معترفاً به ، حيث أعلن أنه ” لكي تكون حرب ما عادلة يتعين توافر ثلاثة عناصر : سلطة الأمير،،، قضية عادلة، ،، ونية حسنة “.
وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر سعى بعض القانونيين الإسبان والهولنديين لتوسيع وازدهار هذا التقليد حيث قدم الإسباني فتوريا إسهاماً مهماً في تحويل هذا التقليد من كونه مجموعة من الإرشادات المقدمة للأمراء المسيحين حول كيفية ممارسة الحرب داخل أوروبا المسيحية لتصبح مبادئ عالمية يرسيها القانون الطبيعي..
يتبع ..