- لافتة عن موقع (بيس هورايزونس)
عشرون رصاصة اخترقت جسد افتهان المشهري من مسافة صفر، لتسجل واحدة من أكثر الجرائم دموية في تاريخ تعز الحديث. لقد حوّل القاتل جسد امرأة عُرفت بالنظافة والنزاهة والإخلاص إلى رسالة دموية باردة: لا أمان في هذه المدينة!
اغتيال افتهان لم يستهدف جسدًا فقط.. كل رصاصة قتلت أيضًا شعورنا بالأمان في شوارع تعز، واغتيلت معها فكرة أن المدينة قادرة على النهوض من تحت الركام، واغتالوا الأمل في مؤسسات خدمية تُحافظ على مقومات الحياة الكريمة. إنها ليست جريمة ضد شخص فحسب، بل ضد المدينة بأكملها… ضد معنويات سكانها وضد صورة تعز كمكان للحياة والثقافة.
بالتالي لم تعد البيانات العسكرية والنداءات المتكررة ذات معنى، فهي لم تحمِ أحدًا، ولا تُعيد الضحايا إلى الحياة. بيانات محور تعز، صرخات قادته، وخطابات الإدانة… كل ذلك لا يعيد الثقة المفقودة. كما أن التضحيات التي يتباهى بها البعض لم تُثمر سوى المزيد من الدمار والنزيف!
المطلوب اليوم ليس مجرد تغيير أسماء إدارات أو تشكيل لجان جديدة، بل ضبط الجناة وكشف من يقف وراءهم ومحاسبتهم، واتخاذ قرار شجاع بنزع سلاح الميليشيات وتجريد العصابات من أدوات القتل، وبسط سلطة الدولة بشكل حقيقي على الأحياء المنفلتة.. أي تأجيل أو تبرير في تنفيذ هذه الإجراءات يُعد جناية مضاعفة!
كل يوم يمر بلا مساءلة يطيل عمر الفوضى ويمد سلطة القتلة. على الشارع أن يبقى يقظًا ومُلِحًا، وعلى المجتمع المدني أن يضاعف ضغطه بوسائل مدروسة تضمن المحاسبة الفعلية لا الشكلية. الجريمة لن تتوقف ما لم تتحمل السلطة مسؤولياتها كاملة، وتفرض سيطرتها على الأحياء المنفلتة، وتحمي أرواح الناس بلا مواربة أو تبريرات.
الحقيقة أن تعز لم تخسر امرأة فحسب، بل فقدت جزءًا من روحها وصورتها كمدينة للثقافة والحياة. ومع ذلك.. فإن جريمة اغتيال المشهري ليست حادثة معزولة، بل مؤشر على اغتيالات قادمة ما لم تتغير قواعد اللعبة.
باختصار… تعز مدينة تُغتال كل يوم، وإذا استمر الصمت، سنستيقظ غدًا على أشلاء مدينة. وسلامتكم.