- محمود ياسين
نرجع نسمع اناشيد وطنية ، ويابلادييييي.
ستظلين كما كنتي حقيقة .
وهكذا وهكذا ، مثل وثنيين يقاومون برنامجا لمحو الذاكرة .
صوت الآنسي لا أدري لم هو أكثر قدرة على التحفيز والانسجام والإفصاح عن الحالة .
الآنسي الذي انتهى لسائق سيارة أجرة بين صنعاء وذمار ، وكان سائقوا الفرزة يمنحونه دورهم ليمضي
لقد خسر كثيرا وكل شيئ ربما لكنه ربح الناس ، واستحوذ على هذه العاطفة المشبوبة بوطن مثخن ،لو أدرك الآنسي مآلاته لتجلط لحظتها .
يمكنك من نبرته المسجلة ومن ملامحه ومن قرائتك لعاطفة الإنسان وتمييز الفنان ،يمكنك التقاط فكرة الجهد الشخصي للآنسي ودأبه في ارتجال ألحان وإنجاز أغان وطنية لا شأن لها بالمؤسسة أيامها او أن للأمر علاقة بمشروع للتوجيه المعنوي .
كان مؤسسة وطنية أنشأت نفسها بقانون العاطفة والانتماء فحسب .
وأنت القطار بلا محطات انتظار ،
لقد تراكمت الصخور في طريق قطارك وتم تخريب الطريق بالحفر وألغام الطائفية والمناطقية ، وافتعلت محطة انتظار واحدة صممت خصيصا للقطار اليمني ، محطة إشارتها حمراء فقط وقد أفرغ القطار من الحياة وتكدس بالجثث والبضائع الفاسدة ولصوص البضائع ، وبالدم والضغينة وجلس على مقعد القيادة كهل أعمى وإلى جواره طاقم يريد كل شيئ بشدة إلا أن يتحرك القطار ،ونحن في العربة الأخيرة مثل شخصيات فيلم علقوا في انتظار طعام معلب ومكون من خلاصة الحشرات النافقة واجتاحتهم تلك النقمة إزاء أنفسهم وكل الذي هم عليه .
لقد ماتت نجاح احمد وهي عجوز وحيدة في صنعاء ، شريكتك في مقطوعة ” المولد السبتمبري” ياالهي كم كن صوتها فتيا وقرويا وكأنها تغني لكل يمني سطح بيته ” اليوم ياتاريخ قف ، طريقها لا يختلف ، على الخطى السبتمبري” ولقد دفناها بصمت دون أن تنفذ وصيتها وأن يتذكر أحد كيف يشير للياء بالألف .
صادفت ابن الآنسي مؤخرا في مقيل صديق ، كان متكئا جواري ، لم أتوقف عن البحث له عن أشياء من قبيل ” طفاية” مع انه لايدخن ، بيبسي لكنه يعاني قرحة في المعدة ، وبحركات خرقاء بقيت أذهب هنا وهناك لأجد فكرة لائقة أقدمها لمابقي من الفنان العظيم ، أظنني سلمت عليه خمس مرات ربما ،لم أقل شيئا غير جملتي الأقرب للغة عجوز لم تكف عن العناق وتردد : أهلا بابن الغالي .
هو موظف هناك في تلك الشركة ،بريئ وممتن ولا يدرك كيف يتصرف بثروة عاطفية هائلة هي كل الذي بقي له من أب كان ثروة بلد ، بلد لم يعد بوسعه غير الدموع كلما صادف موسيقاه الوطنية ، بلد أضاعه أبناؤه وهو يغني لضياعه ،
بلد يغني : يابلاديييييي .