- عبدالرحمن بجاش
سامحك الله يا صديقي عبد العزيز نصر، نعثت روحي أمس الاول بصور” سوق الشنيني ” ، لقد نعثت روحي بصورك والكلام عن سوق الشنيني …
بعد مغرب كل ثاني يوم كنت لابد أن أذهب بالربع الريال أشتري بن من عند صاحب البن بالشنيني ، لازلت أتذكر شكله ، وصوته يدوي في أذني ، ورائحة البن تملأ خياشيمي ، والأطفال والكبار أمامه وهو واقف على الرصة ، تراه يحول القراطيس إلى أواني ورقية ليأخذ بها الأطفال البن لأمهاتهم : زعمات قالت أمي ببقشتين بن والبيس لابكره ، قول لأمك تجي تشوف الجدار: هناك ثمة صورة مقسومة نصفين ، نصف للبائع دينا وقد نكش شعره ، والآخر لمن يبيع نقدا ، علامات الراحة والارتياح بادية عليه للعيان !!!..، الصغار والكبار وكذا بعض النسوة كلهم صائح واحد يشتوا بن عاده طحنه ” طري ” ياعبد العزيز، وانا أصيح معهم ولكن : هات بربع حلاوة وزيد الهريسة !! ، وأكررها ، أشتدت أذني بيده ، صاحب البن لانه يعرفني : وابن الشيخ مومن حلاوة وهريسة ، أنا أبيع بن ، يضحك الأطفال ومن حولي ، ياصاحبي يكون حسي عند حلاوة اللحجي بجانب باب مدرسة ناصر الغربي ، جاء بحكاية جديدة غير حق عبد الله مهيوب وبورسعيد ” خلط الحلاوة الحامي بالهريسة ” مايسيل لعابنا …
يناولني البن محذرا : مرة ثاني شاقول لعمي محمد – عم والدي – إذا جيت تدور حلاوة ، حاضر…
أمر من أمام الدكاكين العامرة بخير الله ….
ومن فرم العبسي أشتري روتي وكيك ، ومن عند السروري تفاح وبرتقال ، طول الطريق أتشمم – محد يطعمني – ، ويزيد الطين بلة صوت عبد الجبار صاحب الصندقة يشتي الدين الذي علي ، وإلا” شكلم الشيخ ” ويا أم الصبيان اقبلي …
لكن رائحة حلاوة اللحجي تدير الرأس ، فلا أسمع صوت عبد الجبار، أقف أمام الباب لدقيقة أو أكثر امتع نفسي بالرائحة وامضي ، أسلم على صاحب الدكان ” ألف منش ومنش ” وأسمع فاصل من صراخه في وجه المنافس ” ألف صنف وصنف ” ، يعزمني المعمري عشاء ، أخاف أتأخر، فاضيع في ظلام المقبرة، أتحاشى علي حزام الذي صوته ماركة مسجلة في أذني :” أشوفك إين اشتروح مني ، بكرة الباولة اللي عليك وإلا شطلع لعمي محمد..
أسلم العهدة وأحاسب على الباقي حسابا عسيرا …
ولا أطعم مما حملته شيء …
أظل انتظر صاحبي يروح من المخبازة مخبي ” الرشوش ” الذي يتحول إلى بلاستيك ..وخليها على الله كيف ناكل ونبلع ..
سامحك الله يا عبد العزيز نصر…
لله الأمر من قبل ومن بعد.