- كتب: نبيل الشرعبي
أن تحييك من الأحرف كلمات نقية، ومن الكلمات عبارات تتوالى لتغدو لوحات إبداعية تعكس بهاء وسمو روحك، وعمق روحي قد يجهله كثير، فإن ذلك يحتاج منك إلى صهر قلبك وإذابة كل شائبة تتداخل مع مكنون الإبداع للإبداع وليس للتكسب..
وبدون مقدمات أو إطالة، أتوقف هنا على نموذج يُجسد ما ذكرت سلفا، هذا النموذج هو زميلة من الأسرة الصحفية والأدبية اليمنية وهي فاطمة رشاد.. لم ألتقيها قط، ولا أعرف عنها سوى ما كانت تكتب من مواد صحفية وقصص قصيرة، بروح إبداعية بحق..
لفترة لم أجد لها كتابات كسالف عهدها، وفي أُتون الإنشغال بالبحث عن لقمة العيش الكريم، كُنتُ أتصادف بمنشورات لها تتحدث فيها عن إنجازها حياكة دُمى ومنسوجات للأطفال و… إلخ، من الأنسجة بأشكال وقوالب تعكس روح إبداعية ناضجة، تتداخل فيها الألوان مع سحر التصميم ودقة إنسياب القوالب وجاذبية الشكل وتماهي التطريز مع أناقة الابتكار..
كثيرما كنت أتوقف على صور لدُمى وملبوسات أطفال حاكتها الزميلة فاطمة بروحها قبل يديها، ولم يدهشني ذلك، فمن أذاب روحه وواقعه لوحات أدبية أنيقة، بالطبع قادر على العطاء الإبداعي بأشكاله وماهيته المتعددة، ناهيك عن اعتقادي أن لوحات منسوجاتها الإبداعية، ربما كانت شغف لحظي للتماشي مع حالة البلد والحرص على عدم قتل الوقت بالفراغ، لكن اعتقادي ذاك خاب..
” جوجو للكورشية”، اسم قد لا أدرك معناه وهو صفحة في شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك:https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=780691482625103&id=273666643327592&m_entstream_source=message_thread
هذه الصفحة تسرقك بما فيها من تنوع لمنسوجات تجزم أنها لوحات فنية باقتدار..
لمن هذه الصفحة، وهل المنسوجات التي تُزينها صور منتقاة من الشبكة العنكبوتية..؟.. بالطبع الصفحة هي للزميلة فاطمة رشاد، والتي أعتقد أنها أسمتها ” جوجو للكورشية” لارتباطها بمنسوجات ودُمى في المجمل للأطفال، وعن الصور فهي ليست من الشبكة العنكبوتية، بل صور لإبتكارات أبدعتها الزميلة فاطمة..
في المنسوجات اليدوية، لا يمكن لها أن تصبح قطعة فنية إذا لم تكن روح النساج حاضرة في حياكتها قبل اليد، وكما في قصص الأطفال هناك كثير كتبوا في هذا الحقل، ولم يُكتب لهم النجاح لأنهم استحضروا حاسة الخيال وعطلوا ماكنة الروح، ومثله تماماً هناك كثير وبدون وعي ولجوا حقل صناعة دُمى ومنسوجات للأطفال معتمدين على التقليد وكانت النتيجة فشل ذريع..
وفي الحديث على منسوجات ودُمى الأطفال التي تزخر بها صفحة “جوجو للكورشية”، وأنت تتفحص كل منسوجة بدقة، يختمر في ذهنك بأنك تتفحص قطعة فنية لا مجرد منسوجة أو دُمية، وتذهب بعيدا وكأنك ناقد وتتعامل مع القطع وكأنها قصص للأطفال، فتغوص في تفاصيلها قارئ وناقد لتجد أنها ليست مجرد منسوجات للأطفال بل قصص أدبية منتقاة بعناية روحية لتتواءم مع روحية وحالة الطفل المتلقي على اختلاف بيئته..
الزميلة فاطمة، كغيرها من مئات الصحفيين اليمنيين الذين دفعوا فاتورة باهضة جراء الحرب التي صفعت اليمن، ولكنها تختلف عن كثير في تقديسها لمهنتها الصحفية أولاً، وصفتها الأدبية ثانياً، واختارت أن تبقى كواحد من عامة اليمنيين، مع تمسكها بممارسة طقوسها الصحفية والأدبية ولكن بشكل مغاير، وبدل من الكتابة بالكلمات بضغط أزرار لوحة مفاتيح الكمبيوتر لكتابة قصص ومواد صحفية، اختارت الإبرة والخيط ومواد أخرى لتقدم إبداع مغاير أكثر فنية وبروح أنيقة..
وفي حالة كـ هذه التي مع الزميلة فاطمة، سأكتفي بالنظر والتعامل مع الجانب المشرق لكونه الأهم والإيجابي الذي يجب أن يتشكل منه نواة لعالم أكبر..
تهانينا زميلتنا فاطمة، ومزيد من التألق.. تعظيم سلام..