- محمود ياسين
كأنك على حافة منحدر بالمتجمد الجنوبي ، دون وجود أي بطريق حتى .
قوالب ثلج هو محيطك هنا وقد استلقى الجميع داخل الكتل الجليدية المصممة بعناية فائقة .
الخبر السياسي مقولب وابتسامة الفتاة كأنها انتزعت من ملصق إعلانات لمعجون أسنان ، والأيدي تومئ بمزاج بطريق كان هنا قبل قليل وانقرض على سبيل السأم
النجاح متجمد والاسترخاء أيضا ، وحتى الشهرة هنا تبدو لي بطعم غذاء معد للقوارض الأكثر صخبا.
دمعتها ثلجية رقمية ومزحتي كذلك ، وقصيدتك وتجربتك الإنسانية ، كل شيئ قيد التجربة الاكثر فظاعة وفداحة وصمما .
بتصرف رقائق السيلكون ومامن سبيل للنجاة ، لا كهوف بعد ولا ملاذات أو قرى صالحة لإمضاء ايام السلام الأخيرة ، ستلحقك الرقمية حتى الممر بين بيتكم وبيت الحب الاول والإيماءة الاولى والوعي الاول بالوجود والأمكنة .
المكان الآن مفتوح شاسع ومرقم بعناية تسقط معها حدود الانتماء والألفة والحنين.
خصوصياتك بتصرف التجربة وضمن قائمة البيانات ، ذكرياتك ومعتقداتك والأخطاء الساذجة والخطايا الوطنية ، تموضع في القالب فحسب والأجهزة ستقوم باستخلاص روحك ووضعها في القائمة إحصائيات قد تثير دهشتك وأنت في الحاجز بينك وبين شخصك الجديد الافتراضي ،مع التأكد من الإبقاء على شبه ما بينك وبين مااختارته لك المصفوفة .
كأننا في تجربة وجودية قارسة انضممنا إليها طوعا ، ولم يعد عليك انتظار الميتا خاصة مارك ، لديك ميتا تخصك مع كل اسم هنا وبمحاذاة كل قالب ناصع يبدو لامعا وتنعكس عليه الشمس لكنه بلا ملامح
ميتا صداقة وميتا حب وماوراء الخير والشر تتجسد هنا ليس بوصفها فكرة نيتشوية بقدر ماهي تجربة استخدام البشر كفئران تجربة عالم بديل ، يتوهم بشري أنه يستخدمهم بينما وحتى مارك زوكيمبرغ هو ضمن التجربة وفأر يبدو وقد ربط البرنامج ذيله بخيط ازرق ليميزه عن بقية الفئران .
كم من الوقت يمكن لقلب الفأر أن يخفق تحت الجليد ؟ أظنهم بحاجة لاستخدام الجميع للحصول على نتيجة دقيقة تماما ، ذلك أن فئران الشرق الأوسط المحاصر بالتابو واليقينيات ولعاب النفط لايشبهون فئران الهند مثلا ، أو أن المقاربة على نتائج تصلب فئر افريقي يمكن البناء عليها لفهم دوافع قوارض ناطحات السحاب .
في المتجمد أيا تكن وجهته وحدوده على الخارطة ، لاتوجد فئران ، هناك بطريق طيب القلب في المتجمد ، الذكر الوحيد من بين الكائنات من يرقد على البيض وينتقي في النهاية موتا لا يخلو من التضحية ، لديه نغمة يتعرف بها على انثاه ويبدو مثل تجربة بيئية تم استبعادها من البرنامج ووضع البشر بديلا عن أمة البطريق .
هنا تم تسطيح متجمد يتسع للقارات الست ،وهنا ترقد علينا موجة إلكترونية حتى نفقس ووحده الله من يدري على وجه الدقة ماالذي سيخرج من تحت رقائق السليكون، ربما كائنات تشبه قليلا ماكنا عليه كبشر .
كل يوم اتبادل الحديث الهامس مع نموذج آخر في التجربة ، حذرين لأسباب لا نتبينها على وجه التحديد لكن لها علاقة بذلك الانغماس في الاستسلام لسطوة رقابة أداء النماذج ، يعرف كل منا أنه كان من المتوجب تبادل الأشياء التي يمنحها البشر لبعضهم في الظروف العادية ، الدماثة أو المزاح وحتى الشعر والذكريات ، لكن وبما أن كلانا يدرك الحالة فلقد أسقطنا عن بعضنا الكلفة ، ارقام تهمس لبعض في برنامج وضمن شروط المصفوفة ، وفي المصفوفة أنت بلا ملامح لتعشق والآخر بلا هوية لتبادلة الثقة ،
إيماءات تحت جليد التجربة بينما يجول مارك برباط ذيله الأزرق المختال ليتحدث عن المستوى التالي ” الميتا” ،لا أظنني سأكون مؤهلا للانتقال لذلك المستوى ، أنا ومن أعرف على الأقل ، لقد اعطبتنا عملية التجريب الأولية هذه وجعلتنا مسكونين بخوف متبقي من طباع البشر ، الأمر الذي يجعلنا فاقدي أهلية للانتقال لعالم الميتا .