- كتب: د. فؤاد الصلاحي
تستمر الإدارة الأميريكية في تعميم الفوضى، ومعها دول إقليمية رأت في تنمية إثيوبيا وبعض الاستقرار فيها ، عجبا ، ورأت في الدور الإثيوبي الإقليمي قلقا، خاصة مع مشكلة سد النهضة، ولا أحد ينكر وجود مشكلات مزمنة داخل إثيوبيا، تتعلق بالأقاليم والتعدد الإثني والعرقي، ولكن كانت هناك محاولات لتشكيل هوية سياسية وطنية في هذ البلد، بدءا من الإمبراطور العظيم هيلا سياسي، مرورا بالتجربة الاشتراكية مع هيلا مريام، وصولا إلى استقلال إرتيريا ووصول أبي أحمد إلى السلطة، إثيوبيا التي تعتبر مقر الاتحاد الاغريقي من ستينات القرن الماضي دولة لها حضارة كبيرة وعميق في التاريخ، تجاورت وتدخلت مع حضارة اليمن القديم، وكانت ذات أسطول بحري، شاءت الأخطاء السياسية ان تحرم إثيوبيا، من أي منفذ على البحر مقابل حصول إرتيريا على ذلك، انفصال إرتيريا جاء لخلل في السياسية المركزية الإثيوبية التي تهملت المشاركة للعرقيات والقوميات المتعددة، وأهملت كثيرا التنمية في أطراف الدولة مقابل التركيز على العاصمة والمدن القريبة منها، ناهيك عن تدخلات خارجية متنوعة ومتعددة، ومعها التدخل الأميريكي منذ نصف قرن على الاقل في التاريخ المعاصر، ناهيك عن دور الإستعمار الغربي، في زرع الصراعات بين القوميات والعرقيات المتعددة، والصراعات على الحدود أيضا، ومنها الحدود مع السودان الشقيق، اليمن ترتبط تاريخيا بالحبشة، وهي التسمية الأفضل لهذا البلد من سنوات طويلة ترجع إلى ممالك اليمن القديم، وفي التاريخ الحديث والمعاصر كانت الحبشة جاذبة ومستقبلة لليمنيين في الهجرة، خاصة منذ أوائل القرن العشرين، وقد لخصت معانات اليمنيين فيها الأغنية الجميلة للسمة البالة من شعر مطهر الإرياني، اليوم والغباء الكبير .. اليمن تهمل علاقاتها بجيرانها في القرن الافريقي، إثيوبيا وإرتيريا وجيبوتي وكينيا، وهي تلتفت إلى الشمال ظنا أنه منقذها من الفقر، مع أن الواقع .. أظهر … أن الشقيقة الكبرى في شمال اليمن لم تكن دوما داعمة لاستقرار اليمن وتنميته، والغباء في السياسة اليمنية منذ نصف قرن أنها لم تنظر إلى مصالح الشعب والوطن، ومعها ضرورة تعدد العلاقات شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ومع وجود سفراء لليمن في أكثر من مائة دولة، إلا أن لا أحد منهم أسس لعلاقات قوية مع اليمن والبلد الذي يعمل بها سفيرا وفق مصالح تعليمية واقتصادية وسياسية بل واستراتيحية، انظروا إلى عدد المنح المقدمة لليمن، وهي زهيدة من مختلف الدول والتي يتحصل عليها أبناء المسؤوليين والسفراء والشلل ذات العلاقة.
أخيرا ..
أتمنى أن لا تتطور الأحداث الأخيرة في إثيوبيا إلى حرب شاملة وإلى فشل للدولة الإثيوبية، فذلك له مردود سلبي على القرن الفريقي واليمن أيضا، وهذا .. لا يتضمن التفضيل للحبشة عن دول عربية تربطنا بها علاقات تاريخية مثل مصر، فمصر في قلب اليمن واليمنيين .. لكن لا ننسى أن لليمن جيران من مختلف الدول والقوميات، لابد وأن نكون على علاقة جيدة معها، وعلى دراية بما يحدث فيها من متغيرات لأنها تؤثر سلبا على اليمن في حالة الفوضى والحروب الأهلية وايجابيات في حالة التنمية والاستقرار …!