- كتب: عبدالباري طاهر
قسم السارد رائعته إلى خمسة فصول:
الفصل الأول: غادة وإخوانها.
الفصل الثاني: رائحة البارود تقترب.
الفصل الثالث: الأيام الدامية.
الفصل الرابع: ثروة من رماد.
إضافة إلى فهرس الأعلام والأماكن.
يهدي الرواية إلى العليين: علي محمد زيد، وعلي محمد العودي.. “ذكرى صداقة تتجدد كلما تقدمت بنا الحياة.
يشير:” في هذا العمل من الحقائق قدر ما فيه من الخيال، أما تصنيفه، فأتركه لتقدير القارئ”. المؤلف.
وفي صفحة أخرى يورد مقولة جورج أمادو: ” يجب أن يكون الأدب سلاحاً قاطعاً كالسيف وبسيطاً كالخبز “.
في الفصل الأول: غادة وإخوانها يورد مقولة جبران خليل جبران: “ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة “. وتسمية العنوان استعارة من ديوان شعر لرامبو.
أبطال الفصل أسرة مكونة من أخوين، وأخت، وأب مغترب، وخال. غادة، عمار، وصادق. الأخوان: عمار وصادق مختلفان في كل شيء من اللعب البسيطة، مروراً بالتخصص، وانتهاءً بالتوجهات الفكرية، والانتماء السياسي، والمواقف. أما غادة التي أنهت الثانوية العامة، فهي الأخت الصغرى والأم تخزن أسرارهما، وتحفظ ودهما، وتعرف خيارات ومواقف كل منهما، كما أن غادة أم للقرية كلها، وبحكم القراءة والكتابة وقدراً من الإنجليزية، فهي” عيلومة القرية”، وخازنة أسرارها، وملاذ أمية أهلها جميعاً.
اتجه عمار شمالاً- إلى صنعاء، أما صادق، فاتجه جنوباً. الأخوان رمزان للاتجاهين اللذين سادا: الشمال والجنوب إبان التشطير.
أما غادة، فرمز الأم اليمنية- ابنة القرية والشعب الأصيل، وخلافات الأخوين تعبير عن حال النظامين.
يشتكي عمار البرجوازي الصاعد من فقدان اليد العاملة الماهرة. يرد عليه خاله بـأن مسئوليهم مرتشون ونهابون وفاسدون، وعندما يشتكي صادق من قوى الثورة المضادة، يرد عليه الخال (الصوت الشعبي): ” مؤامراتكم على أنفسكم أكبر من مؤامرات الغير عليكم”. زوجة صادق أرينا التي تزوجها أثناء دراسته في المجر لا يستطيع العودة بها إلى قرية حيث لا ماء ولا كهرباء، والمرأة فيها ناقصة عقل ودين.
غادة الابنة المغروسة في القرية يأتي إليها الشائب لتكتب له رسالة إلى ابنه المغترب في “بورت سودان”؛ ليرسل له المال؛ ليتزوج زوجك شابة بدلاً من أمه التي لم تعد صالحة للوطء.
تسأله غادة: كم عمرك؟ فيخيرها أنه من مواليد زمن الجراد. فتقول له: عمرك ثمانون، وتريد الزواج، ثم تطلب من ابنك مالاً لتتزوج غير أمه؟! وتكتب له الرسالة.
تأتي إليها الشابة زوجة إمام المسجد والتي باعها منه أبوها؛ بسبب عجزه عن سداد الدين. يعاملها بقسوة، ويضربها صباحاً ومساء، ويغتصبها، وتشتكي لغادة، وتهدد بقتل إمام المسجد الذي يصلي بالناس على جنابة. في اليوم نفسه يتداول الناس خبر قتله وقتل نفسها.
من (الصفحة ٤٧) تترصد الرواية مؤشرات كارثة يناير ١٩٨٦. نأى الدكتور صادق بنفسه عن الاستقطاب، أو الانخراط في التحريض. تسوء علاقاته برفاقه الذين يريدون جره للانحياز.
يبدأ الرصد في الرواية من ١٩ ديسمبر ١٩٨٥. يحتفل صادق بعيد ميلاده ٥ ديسمبر، بعدها يغادر إلى لبنان ثم يعود إلى عدن.
يرى أن الصراع عشائري وقبلي ومناطقي ومطامع شخصية كرؤية كريم مروة، (وهو من قيادات الحزب الشيوعي اللبناني). [الكاتب].
يتعرض لتفتيش دقيق في مطار عدن، ويتعرض سكنه وحاجياته وحاجيات زوجته للتفتيش الدقيق، والعبث، رغم عضويته الكبيرة في الحزب.
تتفجر الحرب الأهلية (١٣ يناير)؛ فيدون الوقائع اليومية بدقة متناهية مع سرد ضافٍ لحالة المدينة المنكوبة لأكثر من عشرة أيام.
الفصل الثالث من الرواية بعنوان “الأيام الدامية” رصد دقيق لوقائع المواجهات يوماً بيوم، وساعة بساعة. (وهذا اللون من التوثيق استخدمه روائيون منهم الروائي المصري الكبير صنع الله ابراهيم الذي تضمنت روايته ” شرف ” العديد من مواضيع الصحف عن الحالة في مصر، وما يميز إبداع الصياد أن الصياغة للأحداث اليومية مسرودة بدقة، وبأسلوب متقن وراقٍ، ولا يكتفي بسرد الأحداث، وإنما يقوم بقراءة أبعادها، ودلالتها، والمواقف الدولية، وإبراز الطابع القبلي والمناطقي للصراع الدامي). [الكاتب].
الفصل الرابع: ” إرث من رماد ”
يصدره بمقطع من قصيدة ابراهيم نصر الله من قصيدته ” الورثة “:
لمن سيؤول ذراعي أخيراً؟
لمن ستؤول ضلوعي وقلبي؟
لمن ستؤول خطاي طوافي؟
لمن ستؤول دمائي ضفافي؟
لمن سيؤول حديثي الطويل؟
لمن سيؤول الفرح؟
ومن سوف يضحك أكثر؟
ذاك الذي سل سكينه للذبح أم من ذبح؟!
والفصل بكائية إنسانية على ضحايا الصراع الكالح، ومشاركة في التشييع، وندم على المدينة المهدمة، وجرائم حرب ألحقت دماراً شبه كامل لأسلحة الجيش البرية والبحرية والجوية، وقتل فيها مئات الكوادر الحزبية والسياسية والعسكرية والأمنية. حدد عدد القتلى بـ ١٣ ألف قتيل، والجرحى ب ٥٥ ألف جريح.
يفكر في الرحلة إلى فريته “قرن منصور” في الشمال- رداع. يلتقي زميله الطبيب الكوبي الذي وفر له كرتون أدوية لعلاج المرضى في المنطقة. يتحرك وزوجته المجرية رانيا بسيارتهم المهترئة، وينزلون في فندق بتعز.
في القرية يلتقي بأخته غادة وخاله محسن. في صنعاء ينزل في رمادة حدة، ويستضيفه زميله الدكتور عصام. يعرف أن الأمن السياسي سأل عنه الفندق، وشعر زميله عصام بوجود رقابة عليهما.
يُستدعي من قبل الأمن، ويحقق معه، ويسأله المحققون إن كان الكرتون الذي أمامهم كرتونه؟ فيجيب: نعم. يُفتح أمامه، وإذا هو مليء بالأسلحة والمتفجرات. يحال للنيابة، ويوكل اثنين من أهم المحامين المتطوعين، ويطلب من أخته وخاله الوصول إلى صنعاء. يعرف منهما أن عماراً أخاه زار القرية، وأخذ الكرتون، وعمار قد أصبح شخصية رسمية كبيرة صاحب نفوذ واسع في السلطة، ومقاول كبير، ويرغب في ترشيح نفسه لعضوية النواب عن الحزب الحاكم، ويخاف أن يرشح صادق نفسه.
توجه إليه المحكمة تهمة حيازة أسلحة تخريب، فينفي. يشهد عليه أخوه عمار، فيواجه بأخته غادة وخاله اللذين يشهدان أن عمار هو من أخذ الكرتون الخاص بالأدوية. يصدر الحكم بالبراءة، مع نفيه خارج البلد لاعتبارات أمنية. يلتقي في صنعاء بمحمود المثقف والأديب، وطاهر الصحفي، وبالتهامي الفنان الذي غنى في المقيل الوداعي:
لها أغلى حبيباتي..
من قصيدة “لعيني أم بلقيس” للشاعر الكبير عبد الله البردوني.