- عبدالباري طاهر
تنوس الرواية ما بين التحقيق الصحفي والسرد الأدبي التاريخي لوقائع حصار السبعين يوماً ” حصار صنعاء ” وبين التوثيق للوقائع ومسار الأحداث بين القوى الملكية والجمهورية والأطراف الداعمة لكل منهما، وميزة السارد أنه بطل من أبطال الدفاع عن صنعاء فهو يسرد مشاركته ومشاهدته، والرواية مكرسة لمجرى الصراع الجمهوري الملكي.
و تتسم الرواية بالسرد التقريري المباشر ، وحوارات أبطال المقاومة على كثرتهم ، وهو ايضاً توصيف لمشاهد هذا الصراع و زمانه و مكانه .
تقع الرواية – التدوين لوقائع حصار صنعاء ٢٨ نوفمبر ٦٧ _ ٧ فبراير ١٩٦٨ .
والسرد التدوين للاحداث والقوى المتصارعة فيه قدر من الحوار والاعتزاز بالصمود البطولي للمقاومين في ظروف غاية في الصعوبة والقسوة ويوشى السرد بالأبيات الشعرية الممجدة للمقاومة والمؤازرة للصمود، مع استشهادات بأقوال هؤلاء الأبطال .
تبدأ الرواية بمقولة ” إذا كانت الحقيقة محض خيال عند البرت انشتاين فأن الخيال يكشف ما تخفيه الحقيقة .
كما يقول الفيلسوف والشاعر رالف امرسون ، ولا يعرف سوى القارئ وحده معرفة الحقيقة ، وأكتشاف الخيال
يدور الحوار أو الخلاف بين بطل الرواية السلبي ” حنتش”، و بين بطل الرواية الإيجابي الدرويش ” البرهان ” –
الصوفي الآتي من فاس في المغرب .
و من خلال خلافهما يحدد الراوي الاتجاهين ولون تفكير كل منهما .
وواضح أن لكل منهما فهماً مختلفاً للاسلام .
أفكار الصوفي البرهان يجسدها أبطال المقاومة المدافعين عن صنعاء ” الثورة والجمهورية، بينما حنتش الوهابي المتعصب يعبر عن الملكيين المحاصرين لصنعاء .
يندمج الصوفي البرهان بالمقاوم غمدان الذي يستضيفه ويلتقي البرهان في بيت الجمهورية في الصياد أحد أحياء صنعاء بالعديد من أفراد المقاومة، بما في ذلك عبدالرقيب عبدالوهاب .
يدون أو يسرد تفاصيل بداية الحصار ، هرب كبار القادة العسكريين وكبار المسؤولين المدنيين ، واحتلال الملكيين اهم المواقع : جبل الطويل ، عيبان ، جبل النبي شعيب .
خشم البكرة وكل المواقع المحيطة بصنعاء ، وبداية وصول القصف إلى قلب الأحياء المدنية ، نزول شباب المقاومة الشعبية إلى شوارع وأحياء المدينة، وتلاحم شباب المقاومة و الجيش و الأمن .
في السرد الصادق لأحداث الحصار يتتبع السارد الأحداث بدقة و موضوعية كشاهد ومقاوم .
يستضيف البطل الميداني ” غمدان ” البرهان _ الدرويش ” في بيت الجمهورية المنزل المقر الدائم لأبطال المقاومة، وهناك أبطال عديدون ورموز كثيرة فغمدان قائد ميداني للمقاومة، والدرويش الأب الروحي وأبو أروى ، القائد الحزبي .
الضابط الامني ” عبدالوارث عبدالكريم ” وهو البطل الأسطوري في قيادة العمل الحزبي السري في الحزب الديمقراطي الثوري، وقد أستشهد إلى جانب مجموعة من رفاقه بعد انقلاب الناصريين ١٩٧٨ .
تحابب وردة ابنة صنعاء الجميلة وابنة الشهيد و زوجة الملكي الهارب حنتش، وغمدان المقاوم وابن الشهيد الآتي من اللواء الأخضر وذلك تعبير عن الوحدة الوطنية ،وعن تحالف القوى المدنية الجديدة في مواجهة القوى التقليدية الملكية ، وهو التحابب الذي يتوج بانتصار فك الحصار وهزيمة الملكيين وزواج غمدان من وردة .
يتداعى السّرد ” بدايات عودة كبار الضباط الذين هربوا أبان الحصار وعودة الملكين أيضاً عبر المصالحة الوطنية بعد الخامس من نوفمبر ١٩٦٧ وبدايات الخلاف مع القوى الجديدة التي حمت صنعاء وكسرت الحصار .
اعلان الحرب والتصفيات ضدها بالنفي إلى الجزائر وانتهاء بالإعتقال والأبعاد من الجيش والامن وانتهاء بقتل قادة الجيش : الوحش وفرحان و انتهاء بقائد النصر عبدالرقيب عبدالوهاب .
نزح غمدان القائد المقاوم و زوجته وردة إلى عدن ليموتا غرقاً في البحر، غرقهما متزامن مع مقتل عبدالرقيب عبدالوهاب في صنعاء كترميز لنهاية مرحلة .