- أنور العنسي
ما لم أستطع نسيانه في حياتي هو مرأى الملك (كارل غوستاف) يحضر قريباً إلى المقهى الذي كنت أجلس فيه مع أصدقائي في ستوكهولم، ثم يربط دراجته الهوائية إلى عمود ويذهب ببنطاله الجينز إلى طاولة تضم ثلاثة من أصدقائه.
كدت أن أخرج عن طوري ، وأريد الذهاب إليه لتحيته لولا أن أصدقائي الذين أجلس معهم أقنعوني بأن هذه هي تقاليد المُلك والحياة في السويد ، ولا ينبغي تجاوزها.
حيَّرتني السويد .. هل هي أرضٌ أم بحر ، سماءٌ أم ماء .. قالت لي مثقفة عراقية “هي محيطٌ تمت زراعته ببعض الجزر” لكن هذا الأمر لم يكن دقيقاً تماماً.
وجدت في مركز مدينة ستوكهولم قصوراً تخبر عن حضارة عريقة وليس مجرد أمة عابرة ، قصور بمواصفات عمرانية خيالية مثيرة للدهشة ، بارتفاعات شاهقة ، وميادين فسيفسائية حولها تخلب الألباب.
في قلب ستوكهولم توجد مطاعم وحانات شديدة الصغر ، وبالكاد تتسع موائدها لأكثر من شخصين أو ثلاثة.
السويديون شعب محب للعزلة طوال معظم أيام الأسبوع ، عازفون عن الزواج والإنجاب ، غارقون في الدراسة والعمل ، لكنهم حين يفرحون ، يفرحون بطريقة مثيرة الدهشة خصوصاً خلال مباريات كرة القدم أو مهرجانات الغناء وحفلات الرقص وغيرها.
لدى السويد منتجات عالية الجودة ، إبتداءً من السلاح ، إلى السيارات الفارهة ، والأنسجة ، ووو .. إلخ!
مشكلة هذا البلد أن جودة منتجاته تكلفه الكثير ، وبالتالي لا يستطيع تسويقها لارتفاع سعرها ، لكنه في النهاية لا يبدو مهتماً كثيراً بذلك طالما أن مواطنيه يعيشون في رفاهية ، وليس لديه أي نزعات للتوسع ، أو التدخل في شؤون الآخرين!