- محمد هائل السامعي
لا يمكن لشخص الحديث عن ثورة 14 أكتوبر بمعزل عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد ، والسبب في ذلك وحدة الهدف بصرف النظر عن تقدم تاريخ سبتمبر والتي بعده يأتي أكتوبر، او في أي شطر من اليمن حدث ثورة اكتوبر وسبتمبر لان التراب اليمني واحد مهما عمل الاستعمار بكل وسعه على تشطير وتجزئة التراب الوطني ،لذا يمكن ان نحتفي بكل قناعة بهذه المناسبات العظيمة عندما نعود لقراءة اهدافها ،ونتسأل هل تم تطبيق اهداف الثورة في واقعنا اليوم؟
او نظل نحتفي يوما في السنة بعيد الثورة مجرد تاريخ لا وجود له في واقعنا؟
ان من اهداف الثورة ،كان أولها هو التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهم واقامة حكم جمهوري عادل وازالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات .نفهم ونلاحظ من الهدف الاول ان الاستبداد والاستعمار تحررت اليمن من تلك النظامين الاول ملكي متسلط والاخر مستعمر غاصب للأرض ناهب للثروة مستغلين للشعب مقيدين للحرية ،اما مخلفات النظامين لا تزال حتى الان تعيق اهداف ثورة 11فبراير المجيدة ،والتي بالاصل هي انتصار لثورتي سبتمبر واكتوبر معا، النظام الجمهوري تحقق في الجنوب من بعد ثورة اكتوبر حتى 1994م، وفي الشمال حتى فترة حكم الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي وبعد هذا حكمت القبيلة ورجال الدين والعسكر بالنظام الملكي ولكن بقناع الجمهورية ، بعد الثورة الاكتوبرية في الجنوب استطاعوا القضاء على الفوارق الطبقية والامتيازات في القضاء على سلطنات زرعها الاستعمار كانت مايقارب 22 سلطنة له اهداف وجودها وفي الشمال في فترة حكم الحمدي محاربة النخب القبلية (المشايخ ) ،وهذا ما قاد المشايخ في الشمال للقضاء على حكم الحمدي وفي الجنوب السلطيين هاجموا الحزب الاشتراكي واحدثوا صراعات داخل صفوف الحزب وهذا ما حدث في 86م في الجنوب بدعم غير معلن من مملكة ال سعود للمشايخ في الشمال والسلطيين في الجنوب .
نلاحظ ان الهدف الثاني : هو بناء جيش وطني قوي وحراسة البلاد والثروة ومكاسبها. في الشمال لم يتحقق شيء من هذا الهدف لا نه تم تحويل مهام الجيش الى مجرد مليشيات تابعة لا اشخاص ، بينما في الجنوب كان هناك جيش وطني مبني على اهداف وتربية وطنية قبل عام 1990م ،لكن العصابة الذي حكمت الشمال بعد صيف 94م قضت على هذا الجيش وعملت على تشريده وتسريحه واقصائه من واجبه ومهامه الوطني. اليوم نحن بحاجة لوجود جيش وطني يشبه اليمن بتنوعه ووطني لا يخدم اشخاص او نخب ويقدس شيء اسمها اليمن ،يحرس ممتلكات وطن ويحفظ حدود البلد من أي قوة خارجية كانت ويعمل مع سلطات الدولة على محاربة الارهاب واي جماعات تريد الهيمنة على قرارات ما يسمى بالدولة .
نفهم من الهدف الثالث للثورة هو رفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً. وهذا الهدف بعيد المدى عن واقعنا اليوم من تخلف اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي ،كان السبب في هذا التخلف هو النظام النخبوي القبلي والديني والعسكري المسيطرة على اليمن حيث عمل ذلك النظام على حرف الثورة عن مسارها بعد ان انقلاب على نظام الحمدي في الشمال واقصاء وحارب الاشتراكي في الجنوب ،وبعد ذلك عمل على تجويع الشعب وتجهيله بأن واحد وخاصة المحافظات الجنوبية والمناطق الوسطى بتحديد محافظة تعز، ومن ثم استطاع القضاء على الفكر والوعي الثقافة في هذه المناطق الحالمة بالدولة ،مما زاد من تخلف يؤرث التطرف والانحطاط المجتمعي .
من اهداف الثورة ايضاً انشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد انظمته من روح الدين الاسلامي الحنيف ،بمعنى انشاء المجتمع الديمقراطي هو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي ننقب عنها في الوقت الراهن لاستعادتها من قوى لا تؤمن بفكرة الدولة، رافضة للدولة العدالة والشراكة في السلطة والثروة ، تؤمن بمنطق القوة والعنف وتعمل على مزيد من تقسيم وحدة وانسجة المجتمع اليمني ،والصراع الذي يدور اليوم هو بين قوى لا تريد دولة وهي النخب القبلية و الدينية والعسكرية وبين جماهير الشعب الباحثة عن الدولة الضامنة لحرية الجميع دون استثناء ،والرافض للميليشيا التي تهدد دولة اليمن وتريد القضاء على اهداف ثورته .
هدف اخر من اهداف الثورة هو تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة ،اصبحت الوحدة مقتولة من الطرف الذي كان يدعي انه يحمي الوحدة وهو يقضي على الوحدة بشكل الذي انتصر به للوحدة على الاخوة في المحافظات الجنوبية التي لايزال مأسي الحرب الظلامية واضرارها حتى يومنا هذا، سنستطيع ان نحل هذه المشكلة و تطبيق هذا الهدف بإيجاد شكل اخر لنظام الدولة في البلد وهو النظام الفيدرالي الاكثر من اقليمين والذي يستحسن ان تكون اليمن دولة اتحادية من ثلاثة اقاليم ، تقضي على كل الصراعات في المجتمع.
الهدف الاخير من اهداف الثورة وهو احترام مواثيق الامم المتحدة والمنظمات الدولية ،والذي لا يوجد امم متحدة تحترم الانسان لكي يحترم مواثيقها ،الموجود هي الولايات المتحدة تدير شؤون العالم وفق منظورها الخاصة وما ينسجم مع مصالحها التجارية وشركاتها الاحتكارية ،كما ان ما يسمى بالأمم المتحدة لا تعرف شيء اسمه الحياد الايجابي وعدم الانحياز واكبر دليل على هذا احتلال الأرضي فلسطين بتساهل امم متحدة وغيرها ،وضرب العراق وما يجري اليوم في الوطن العربي من حروب اشبه بحرب عالمية ثالثة يتحمل تكاليفها الشعوب العربية ، ان امريكا لا تعمل على اقرار السلام العالمي ولا تدعم مبدأ التعايش السلمي بين الامم ، انها من تصنع الارهاب وتحاربه وتزعزع امن وسلام العالم، وتعمل بواسطة ادواتها (الجماعات الدينية )في المنطقة على احداث مزيد من الصراعات تحت اقنعة مزيفة طائفية ومذهبية ومناطقية مقيته ، والذي كان يتوجب على الشعوب العربية بكل طوائفها ومذاهبها واديان شعوبها ان تتعايش فيما بينها وتتجاوز الخلافات الضيقة، حتى تستطيع معرفة عدوها الحقيقي الامبريالية العالمية المحتكرة للنظام العالمي الناهب لثروات الشعب والهيمنة على قرارات العالم اجمع.