- يحيى الحمادي
حين قِيل: الوُصُولُ إِليها اقتَرَبْ..
لم يَسَعهُ الحَنِينُ..
ولم يَتَّسِع لِلحَنِينِ الطَّرَبْ..
كان يَخرُجُ مِن قَلبِهِ وَاثِبًا
وهي في مَن وَثَبْ..
كان يَسبِقُ أَشواقَهُ نحوها
فهي مَهدُ الصَّبِيِّ الذي كانَهُ
وهي أُمٌّ وأَبْ..
مَن رَآهُ وقد حَطَّ مِن أُفقِهِ
عاشِقًا مِن كَثَبْ..
مَن رأى الحُزنَ في وَجهِهِ كيف ضَـوَّأَ
والقَلبَ كيف اشرَأَبْ..
مَن رأى الشَّوقَ في الخَدِّ
كيف انسَكَبْ..
مَن رَآهُ يُقَبّلُ وَجهَ المَدى
والتُّرابِ الأَحَبْ!
حين قِيل الوُصُولُ إِليها اقتَرَبْ..
كُلُّ شَيءٍ ذَهَب..
حامِلُ الشَّوقِ.. والشَّوقُ
والمَوعِدُ المُرتَقَب..
بعد سَبعٍ مِن العُمرِ
مَعجُونةٍ بِالنّدى واللَّهَب
ضاع كُلُّ التَّعَب..
يا لهذي البلادِ التي أصبَحَت
مَسرَحًا لِلكُرَبْ..
يا لهذي الضِّباعِ التي تَرتَدِي
كاذباتِ الرُّتَبْ..
يا لهذا الضَّياعِ الذي رَأسُهُ فاسِدٌ
والذَّنَبْ..
كيف يُقتَلُ مَن قَلبُهُ
لِلتُّرابِ انتَسَبْ!
كيف يُسلَبُ مِن مالِهِ عائِدٌ
كي يَعِيشَ اغتَرَبْ!
يا لأَصلِ العَرَبْ!
يا لهذا الفراغِ السَّمِينِ الذي
رأسُهُ مِن خَشَبْ
يا لهذي الرُّبوعِ التي وَصلُها مُوحِشٌ
والهَرَبْ..
يا لهذي الدُّروبِ التي أَصبَحَت
غابَةً.. دون رَب..
كيف يُسلَبُ مِن حَقِّهِ عابرٌ
دون أَدنَى سَبب؟!
ليته حين ضَمَّ حقيبتَهُ خائفًا وانتَحَب
ليته ما اغتَرَب..
ليته بالحَنِينِ إِلى أَهلِهِ لم يُصَب