- عبدالباري طاهر
يرقد الصديق الحميم والزميل العزيز سامي غالب في مشفاه بالقاهرة ..
سامي شاب صحفي نابغة بداية نشاطه الصحفي ربما لا يتجاوز تسعينات القرن الماضي، بزغ نجمه بسرعة القرن العشرين، أعرف أن شعراء يدبجون مئات و آلآف القصائد، لا يذكرهم القراء، و لا يتبعهم الغّاوون .
وكتاب كثر يسفكون دم الحبر، و يسودون البياض، ويدهمون القراء بعشرات الكتب وأعمال كاملة قد تتجاوز أصابع اليدين و ربما الـ .. ولا يذكرون، مهما أوغلوا في الكتابة زادهم الله جهلاً على جهل، كتاباتهم مزرية وأميتهم ” عصامية ” لا تبين ولا تستبين .
أتذكر الشاب الوقور عندما بدأ التضيق على الهامش الديمقراطي، وبدأ رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح التنكيل بحلفائه التجمع اليمني للاصلاح بعد بلائهم المشين في الحرب ضد الاشتراكي والجنوب..
عام ٩٤ بدأ التضييق على كتاب صحيفة الصحوة، وعلى الاعلاميين و الصحفيين المحسوبين على تجمع الإصلاح ..
جرت لقاءات في مقر نقابة الصحفيين التي أنتخب سامي عضواً في قيادتها في النقاش حول الحريات الصحفية والتضامن مع المهنة كان سامي يقدم آراء تنم عن حصافة وذكاء و معرفة أكثر من القادة الصحفيين بزغ نجمه بسرعة مدهشة، وكنا ننظر إليه كبيضة القبان في الحوارات الصحفية ..
أصدر صحيفة النداء إلى جانب زميله أحمد صالح الحاج عام ٢٠٠٤ مع مجموعة الزميلات والزملاء الصحفيين ، منذ العدد الأول كانت الصحيفة الأهلية المستقلة منبراً للاتجاه الديمقراطي وصوتاً داوياً للشابات والشباب الصحفيين، و تبوأت الصحيفة مكانة مرموقة بخطابها الواعي الديمقراطي والرصين والمدافع عن الحريات العامة والديمقراطية، وكانت إضافة للحريات العامة والديمقراطية إلى جانب الشورى والأسبوع و المصدر والأهالي والثوري وإيلاف والوسط حينها .
الرئيس صالح أعتقد أنه قد أنتصر بالحرب، سيطر على كل شيء، تبين له أن وهم الانتصار يتلاشى وأن صوتاً جديد ينذر بسقوط وشيك، لجأ الحكم المتداعي إلى أجهزة القمع فجرى الهجوم ليلاً على مقر الصحيفة، وسرقت كامل أجهزتها من كمبيوترات وكاميرات وطابعة وملفات وكل الأدوات المكتبية، وجرى إعتقال عبدالكريم الخيواني وهو خارج من الصحيفة، وتعرض سامي والحاج لمضايقات وتهديدات تبدأ ولا تنتهي .
سامي غالب و لا غالب إلا سامي قاوم محاولات الترويع واستمر في أداء رسالته تكررت سرقة معدات الصحيفة الفقيرة والناشئة ليجد سامي والحاج نفسيهما عاجزين عن سداد الديون عليهما أو تسديد ايجارات الشقة المستأجرة، أو الوفاء بإلتزاماتهم .
أضطرته ظروف المضايقات، وقمع الحرية إلى الإقامة بمصر وطن اليمنيين الثاني أحتفظ بإستقلاليته، وابتعد عن الصراعات الكالحة والمقيتة..
الوعكة الصحية التي تعرض لها سامي أظهرت مدى حب زملائه له والناس وحرصهم على حياته، فله الصحة والشفاء العاجل ولزملائه الامتنان والعرفان “ولا غالب إلا سامي ” .