- كتب: عبدالجبار الحاج
يمكننا أن نقيس أفق ومدى أي حركة تنشد التغيير.. ليس بحجم المشاركة الشعبيية في فعاليتها رقم ( 1 ) فحسب، بل بحجم التفاعل الشعبي معها ، ومن هذا الجانب ومن جوانب أخرى ما يمكننا أن نعتمد عليه بداية ونقيس به مستقبل الحركة الشعبية التي أنطلقت من جغرافيا لا تنفصل عن اليمن بقدر ما تمثل ساحة بدء وتدشين وساحة بدت من أكثر الساحات بروزا لمظاهر الجريمة وأكثرها انعكاسا لمشاريع الكانتونات القمعية في أزمنة تمتد عقودا في حقبة الإرتهان والوصايا أو أكثرها بشاعة سنوات الاحتلال .
بناء على استقراء مبكر لميلاد الحركة الشعبية في تعز، فإن 21 أغسطس هو تاريخ ميلاد الحركة الشعبية بما تشع في المحافظة نقطة ضوء انبثقت من ليل الارهاب السياسي والاحتلالي .
وعندما نثبت تاريخا لأول فعالية، فإننا نترسم طريقا له تعرجاته ومساراته.. وله أهدافه المسنودة بإردات تتسلح باليقين ، وتغييرا ينكر الظلم باقصاء الظالمين وينشد العدل وتحريرا يدرك مآرب مرتزقة ومحتلين ..
ومع نزولها الأول للشارع، كانت الحركة الشعبية على محدودية العناوين المرفرعة في تظاهرتها الأولى المنددة بجرائم القتل اليومي وعلى جزء من الأسباب وواحدة منها في جريمة الحرق كانت دافعا لتظاهرة دعت إليها الحركة الشعبية لتتصدر قيادة الشارع الغاضب في قضايا شبكات الجريمة المتعددة..
وقد أعطت انطباعا واسعا لدى المتابعين من كل اليمن، على أن تظاهرة يوم 21 أغسطس ولافتاتها ليست إلا بداية متواضعة، بداية تضع فيها الحركة أدوار الشعب الغاضب إلى حيث يجب أن تكون المطالب متوازنة مع مستويات وقدرات التحرك المتدرج تصاعديا المقترن بين الشعارات بعزيمة التحقيق خطوة بعد أخرى ..
وفقا لطاقات شعبية تتولد استعدادا لخوض معارك شعبية تتدرج من المطلب الأدنى ولكن نحو الهدف الأوسع والأعلى، ففي الأولى مطالب .. ما لم يستجاب لها تكون في الثانية والثالثة حركة نحو التغيير، وفي الرابعة والخامسة تكون الذروة الشعبية حتى تبلغ أوجها وتمتلك مفاتيح ادارتها وأنذاك تمتلك الساعد واليد القادرة على الاسقاط الراهن البغيض بإحلال البديل المنشود .
…..
لئن كانت جريمة الحرق هي القشة التي قصمت ظهر بعير مثقل بآلاف الجرائم، فمنذ البدء تراكمت آلاف الجرائم (التي لم تكن الأخيرة على حد تعبير بيان إدانة الجريمة الصادر عن الاشتراكي والناصري والبعث)
لم يكن ممكنا أمام البيان أن يصفها بالأخيرة، لأن القوى القابضة هي البيئة المصدرة لكل ما مضى وسيأتي من الجرائم التي ستضع الحركة الشعبية القادمة أمام دورها الشعبي القادم.. ليس في الصد والمناهضة ولكن بأن تنخرط الحركة في سلسلة نضالات شعبية سلمية مستمرة حتي إسقاط هكذا عصابات في منظومة هي جزء من منظومة أستدعت المحتل وسلمت له البلاد وعاثت في الأرض فسادا.
وصلت الحالة إلى نقطة من التراكم.. لم يعد المجتمع المحلي إزائها بقادر على تحمل أرزائها وأثقالها في مشهد مظاهر جرائم يومية بلغت الدرك الأسفل من حضيض السقوط الأخلاقي وبلغت حدا من تماهي الجريمة بأجهزة مزعوم الأمن .
مع هذا المستوى من الذروة تزامنت مع بروز قيادات سياسية في المحافظة ذات وعي ومسؤولية نوعية مختلف عن سلف مهادن ومتقي ومعايش .. كان لابد من قيام الحركة الشعبية في تعز لتتصدر مشهد الحركة الشعبية.
….
…
في حين أن المشترك تكتل أنتهت دواعيه التي كانت ومدته التي ألغتها ثورة 2011 إلا أن العمى والغباء أبقى على بعض فروعه مستطيبة البقاء في سبات تحت مظلته..
من نافل القول أن نقول أن ميلاد الحركة تأخر كثيرا عن ميعادها بزمن يساوي زمن سنوات الحرب السبع أن لم نقل زمن منذ موجات ثورة فبراير التي شهدتها اليمن وفي القلب منها تعز .
من هنا ليست مصادفة أن تتغير صورة المشترك وأن تبرز في تكوينه الهش مشاهد افتراق تفاعلات وتقلبات توالت منها عودة إعلان لقاءات وبيانات صادرة عن لقاء سياسي أستجد أو لنقل تجدد بعد عقد كامل من الفراق السياسي ..
ومن هنا أيضا ليس مصادفة أن ينبثق الحال السياسي عن رموز سياسية قادمة من الشارع وأن يقف على رأس المنظمات الحزبية وأن تنبثق عن الوضع المظلم لعقد كامل ميلاد الحركة الشعبية.
لعل الحركة على درجة من التجارب التي أفقدت مفهوم التخالفات أو إعادة بناء التحالفات معاني الهمة نحو الحل الاقتصادي والاجتماعي لمشاكل الفقر والبطالة والجوع.. بحيث ظلت النخب حتى على تناقضاتها واختلافاتها ودورانها لفافة دوارة على الشعب وضدا منها في مختلف مراحل مزعوم الشراكات الوطنية، التي أفشت دائما إلى تقاسم وتحاصص يلبي مطمعها خاصة ويضرب بأحلام الشعب وطموحاته في العيش الكريم وفي أهداف ومبادئ العدالة الاجتماعية عرض الحائط، هو ما جعل الحركة الشعب تضع الشعب في محك النضال وهو المحك في تحقيق الاهداف ..
تقف الحركة منذ البداية أمام خيار الرهان على الشعب بعيدا عن حسبة التحالفات البائسة وتلك هي مصادر قوتها التي لن ولم تنضب أبدا ما بقي الرهان على قوة الشعب وإرادته .