- عمر القاضي
كانت يوم غبراء، أما صديقنا أحمد الحيطي فقد كان يختبئ بعريش البقر، عريش بدون نوافذ ومظلم دوماً .له باب خشبي عتيق. أما أحجار جدرانه الداخلية فقد أزال الدهر أجداث الطين التي غطتها لسنوات وتناثرت من تلقاء نفسها.
نور الصباح المتسلل من الخارج عبر باب العريش الخشبي ،ستبدو لك من خلاله الرؤية أكثر وضوحاً لأي زائر ستطأ أقدامه عريش دار الصناع صباحاً.
من خلال ضوء الصباح أيضا، ستشاهد سطح زقاق العريش المحاذي للدرج، تم بنائه بعقد من الأحجار المربعة النحيلة، تختلف عن بقية أحجار الجدران العريضه كثيراً. وهذا يبدو واضحاً من خلال طولها وصلابتها وقصتها المنتظمة. معلم البناء، والذي لا أعرف إسمه ومن يكون..،لقد قام برصها بطريقة حرفيه وفنية رائعه. أحجار ملتصقة جوار بعضها ،لم يترك معلم البناء أي فراغ أو شقوق بين الأحجار قد تختبئ فيها الزواحف الصغيره أو الثعابين .وحده الطالب أحمد الحيطي من يعرف يختبئ تحت هذا القعد الجميل داخل عريش دراهم الشامخ.
عقد معماري فريد ومتماسك..له جماله ومميزاته الخاصة.يقوم بمهامه على أكمل وأجمل وجه .لو قلنا أن العقد يقوم بدوره كسطح بديلاً عن الأخشاب التي أصبحت شبه متهالكة،سوف نكون غير منصفين للعقد.
ولا يجوز هنا مقارنته مع لأخشاب فقط بالمنفعة،فهو يتفوق كثيراً على الأخشاب المنخوره التي التهمت نواها دودة الأرض الصغيرة،
وأصبحت شبه مجوفة وآيله للسقوط بتجاه العريش.
لقد إختار أحمد الحيطي الإختباء في عمق هذا الزقاق المظلم، وتحت هذا العقد الفريد مباشرة. جمث في زاوية مظلمة وأكثر وحشة وحلكة من ظلام العريش الخارجي الفسيح.
مكان لن يخطر على بال أحد. حتى أمه العظيمة لاتعرف أن مخبئ أحمد إبنها في المكان، ولا رُسل المعلم محمد الفقي الذي أرسلهم من المعلامة للبحث عن أحمد وإحضاره للمعلامة ولو سحباً.
أما المعلامة التي كنا ندرس فيها. فكانت تقع في إحدى بيوت قريتنا المهجورة.وهي ملك أحد أبناء قريتنا، بعد أن أكمل بناء البيت أغلق بابها وغادر للإستقرار في العاصمة صنعاء.
ظلت البيت مغلقة وخالية لسنوات إلى أن أعاد فتحها كبار قريتنا كمعلامة لأطفال القرية.
كان جميع أطفال القرية يخافون العبور من جوارها وهم وحيدين.يخافون العبور من جوارها سواء في النهار أو في الليل، لكثر ما روي عنها من قصص مرعبه. وقد تداول أطفال قريتنا قصص وإشاعات رعب كثيرة أبطالها الجن.
كنت أنا عندما أمضي من جوار البيت المهجورة في النهار يقشعر جسدي من شدة الخوف ، ثم أعود إلى وسط القرية أحكي لبقية أطفال قريتنا يصغروني عمراً.
كنت أحكي لهم عن سماعي لأصوات غريبة تخرج من نوافذ البيت المهجوره ، واحكي لهم أنني شاهدت أيادٍ مصفرة طويلة، لوحت لي بظفائر شعر من نوافذ البيت المهجوره.
لكنني في الحقيقة لم أسمع ولم أشاهد أي شيء مما قلته لهم . ليس أنا من كان يحكي لهم ،كان الرعب والخوف هو من يحكي بدلا عني لأطفال يستمعوني بأنصات وهم مشدوهين لكل كلمة تخرج من فمي وبعد كل كلمة كنت أنطقها لهم يطلبون مني الأطفال بأن أحلف لهم يمين، وأنا أحلف لهم اليمين تلو الآخر. ومن شدة تأثرهم سردي لقصص الرعب، وتصديقهم لما أقوله كنت أحيانا ً أصدق نفسي وأنا لم أسمع ولم أشاهد أي شيء مما قلته لهم.
قلت لكم إن الخوف هو من كان يحكي بدلا عني !!
لقد تم إفتتاح هذه البيت المهجورة والمسكونة بالجن في مخيلة أطفال القرية فقط.
في إحدى عطلنا الدراسية ، وبعد مقترح قدمه أحد الأباء على الأستاذ محمد الفقي ، ولم نعرف من هو هذا الشخص صاحب المقترح الموحش حتى هذه اللحظة.
لست متأكد إن كان مقترحه هذا وفتح معلامة لأطفال القرية في زمان توارات فيه جميع المعلامات والفقهاء تماماً في الريف ، هل كان هذا المقترح حرصاً منه بأطفال تلك المرحلة أم كان عقاباً لهم ؟!
وقتها كنت أشعر أنه كان عقاب والحمدلله فقد إجتزناه بحفظنا جزء ” عما ” وكلمات، أبجد ..هوز.. كلمان .. سعفص..وألف لا شيالوه.. وباء نقطه من أسفل.
أما الأن لدي قناعة أخرى ومختلفة تماما عن زمان المعلامة.
أما قناعة الآباء والأمهات تجاه أبنائهم الطلاب فجميعها كانت متشابهه وقتها، وغير متوافقه معنا في ذلك الوقت، ولعدة أسباب .
كانوا يعتقدون أن طلابهم لايحبوا التعليم والحضور يومياً للمعلامة و..الخ . وبالفعل كنا لانريد الحضور للمعلامة.
ولماذا سنحضر إلى المعلامة ونحن لدينا إجازة سنوية منحتها لنا المدرسة، لنلعب فيها ليل نهار.كنت أنا اقضيها في رعي الأغنام أو في الدراسة وسط معلامة نصف نوافذها مكشوفه تجلب البرد والريح من منطقة ظفار في عمان.
ومالذي سيبديه طالب تجاه معلامة فتحت لتعليم القرآن والإعراب والتجويد التي إنتهى الطلاب من اختبارها للتو في مدرسة معاذ بن جبل ومدرسة ذو أصبح.
الطالب في الريف سيرضى بجميع العقوبات ماعد سرقة عطلته السنوية التي ينتظرها بفارغ الصبر والفرح.
عطلة كنا نقضيها في لعب ” الربالات ” و” الطباشة ” ،و”الزراقيف” وفي قيادة إطارات السيارات الخاوية ، واصطياد العصافير ، وفي لعبة “القدى “وهي لعبة تتكون من عصاء طويلة،وأخرى قطعة خشبية قصيرة، توضع القطعة الصغيرة أعلى حفرة على الأرض ،ثم يتم خذفها بالعصاء الطويلة بتجاه الفريق الأخر الذي يقف على بعد أربعة أمتار من مكان الشخص الذي يخذف بالقطعة الصغيرة وبطريقة هادئه،ومهمة الفريق الواقف هو كيف يلتقفون القطعة الخشبية الصغيرة بأيديهم.
وإذا تمكنوا من التقاطها، تنعكس اللعبة لصالحهم ، ويتحول الدور إلى الفريق الذي يسيطر على العصاء ويخذف بالقطعة الخشبية الصغيرة. أما إذا لم يتمكن الفريق الواقف من التقاط القطعه الخشبية الصغيرة وسقطت للأرض يتبعها الذي رمى بها بالعصاء الطويلة،ويقوم على خبطها من أطرافها حتى ترتفع للأعلى كي يلتقيها بخبطة قوية في الجو وتذهب بعيدا،وبالأصح تذهب بإتجاه وجه أحد أفراد الفريق الأخر الواقفين الذين يحاولون التقاطها ليكسبون عشرة نقاط لصالح فريقهم.
أما إذا نفذت منهم يتبعها صاحب العصاء ويخبطها مرتين إضافية إلى المكان التي تصل اليه ، وبعد إنتهاء عدد الخبطات الثلاث ينتقل إلى مرحلة العد بالعصاء التي في يديه ويذرع الأرض واحد إثنين وصولا إلى مكان الحفرة حيث اللعبة.
لعبة القدى ممتعة.وشرحها هنا عويص إلى حد ما.
ولعبة أخرى وهي الملاحقة ، ولعبة سلم سلاحك ، وشعريور ، ولعبة الدومات .وكرة القدم .ولعبة السباحة في بركة تقع وسط قريتنا المحاذيه للجامع، بركة تجمعت فيها جميع أوساخ وبلاوي قريتنا ، بينما طلاب الإبتدائية حتى مرحلة الثانوية لايعيروا ذلك أي شأن. يغوصون وسطها ويتشقلبون ” السقطه ” من أعلى سورها وأعلى حمامات الجامع المرتفعة على بركة قريتنا بأمتار.
متعة ومرح لن يتكرر وسط بركة مليئة بالوحل ومياهها غبراء مليئة بالطحالب والبلاعص والقشابر والأكياس والختانات التي كان يخاف منها الجميع.كنا نسبح في بركة مائها متسخ وغير صالح إلا لخلطة الأسمنت وحسب.
وصل الفقية إلى المعلامة في الثامنة صباحاً ،كنا قاعدين على أرضية إحدى الغرف فوق الصبة الإسمنتية البارده مباشرة.
جميعنا خائف في المعلامه من حضور معلم معلامتنا الذي كلما ظهر تضاعفت دقات قلوب الطلاب اضاعفاً وبشكل متسارع.
هذا الذي يجعل الطالب أحمد الحيطي ينزل من الدور العلوي في دارهم للإختباء في زقاق العريش المظلم،أو يهرب إلى وسط وادي المدده شرق قريتنا.
أحمد كما لو أنه خلق ليهرب ويختبئ،وهو يجيد الهروب والإختباء أكثر من أي شخص آخر.
لقد سأل معلمنا محمد الفقي عن الطالب أحمد الحيطي وعن ماهر العسيق الطالب المشاغب. الطالب هيثم الأسمر. كان الكثير من الطلاب يغيب عن المعلامة. لكن المعلم محمد ملزما بحضور هؤلاء الأربعة الذي ذكرت أسمائهم بالذات ولعدة اسباب.
بعد أن سأل الحاضرين عن الأربعة الذين ذكرت أسمائهم .
أحمد كان يغيب ويختبئ من شدة خوفه من الأستاذ محمد الفقية أو بسبب الذهاب للسوق لشراء متطلبات منزلهم.
أهم شيء يغيب حتى وإن رافق جده ثابت وعبد الملك رحمة الله عليهم للسوق.
الأهم أن يغيب عن المعلامة..
أما هيثم فكان يهرب ليصطاد عصافير قريتنا من فوق الأشجار .هيثم يجيد الإصطياد والقنص ببراعة ولهذا ارتكب مجازر فادحة بطيور قريتنا المتنوعة الجميلة.
لقد قام معلمنا في المعلامة إلى تقسيم الطلاب إلى عدة فراق عشان نذهب لإحضار الطلاب المتغيبين وبالقوه.
كل فرقة كلفت بإحضار طالب غائب.
كنت أنا في الفرقة التي كفلت بأحضار أحمد الحيطي من منزلهم.
لقد وصلت برفقة سبعة طلاب إلى جوار دار أحمد.
عند وصولنا شاهدنا شقيقه الكبير يقف في الدور الثالث خلف متراس الأحجار الذي بني بشكل عشوائي.تو وصولنا ونحن ننادي بإسم أحمد ،لقد رد علينا شقيق أحمد من الأعلى أن أحمد أخوه خرج من الدار قاصداً المعلامه.
أحمد يبدو كان نازل من درج الدار أو ربما كان يتواجد في إحدى الغرف في الطابق الثاني ويتأهب للهروب. وعندما سمع أصواتنا ونحن نبحث عنه. لقد عرف مباشرة أننا نبحث عنه فنزل يختبئ في الزقاق داخل العريش وبين الظلام.
شقيقه الأكبر كان يحدثنا من أعلى الدار وهو مستغرب، قال أن أحمد أخوه نزل بعد تناول الصبوح معاهم ،وأكد أنه لم يمضي دقائق منذ نزوله من الدور الثالث حيث يقف شقيقه الاكبر عند وصولنا. والذي طلب منا دخول الدار للتأكد والبحث عن أحمد في غرف الدور الثاني.
لقد دخلنا الدار راكضين عبر العريش صاعدين بإتجاه درج الدار ، وصولاً الى الطابق الثاني. لقد تبتلنا بخطى هادئة في صالة الطابق الثاني ونحن ننادي بأسم أحمد ياحمد!
لم يكن أحد يتواجد في الطابق الثاني .عدنا مره أخرى بإتجاه العريش وخرجنا من الدار. أثناء عبورنا من العريش سمعنا صوت حركة قادمة من الزقاق المظلم المحاذي للدرج. جمعينا سيطر الخوف علينا، وقد خرجنا نركض بإتجاه الخارج .
شقيقه الأكبر ظل واقفاً في مكانه بالسطح خلف المتراس، منتظراً خروجنا من الدار برفقة أحمد شقيقه الصغير .لكننا خرجنا من دون أحمد .
لقد سألنا هكذا مش موجود .رددنا عليه “لا مش موجود”. أستغرب لثوان وردد كلامه السابق، قال أن أحمد نزل من الدار قبل دقيقتين، وتابع يسألنا مستغرباً، طيب أين سيذهب. قلت له سمعنا حركة في الحانوت الذي يحاذي الدرج” .الشقيق الأكبر أصدر ضحكة صغير من الأعلى وقال “والله ان أحمد اخي مختبئ. وطلب منا الإنتظار . ثم توارئ خلف المتراس بالسطح . فعدنا إلى باب العريش ننادي أحمد ونهدده أن الفقية معلم المعلامة سيضربه إذا لم يحضر معنا.
وقفنا على الباب لدقائق ننتظر نزول شقيقه الأكبر .وذلك ماحدث، فقد شاهدنه واقف وسط العريش وشاهدنه وفي يديه يقبض كشاف ضوء. لقد سألنا من أين سمعتم أول الحركه؟. قلنا له من هناك واشرنا بإتجاه الحانوت الضيق الذي يشبه الزقاق.ضحك الشقيق الأكبر، وقال والله ان أحمد أخي يختبئ هنا ،هذا مخبئ احمد أخي الدائم، وبالذات عندما يرتكب اي خطاء يهرب الى هذا الحنوات.”
الشقيق الأكبر بدأ ينادي أحمد اخوه “.
” أحمد أخرج ولا بدخلك “.
لكن أحمد سقيقه الصغير لم يرد، ولم يخرج وكأنه لم يسمع شيء من مناداة شقيقه الأكبر له، ولا كأنه متواجد في ذلك المكان المظلم .
لقد أنار ضوء الكشاف الذي في يديه وبدء يدخل الزقاق بصعوبه.
جميعنا القادمين من المعلامة لأحضار أحمد وقفنا وسط العريش، نشاهد ونسمع شقيقه الأكبر وهو ينادي أحمد ،، أحمد. ويتوارئ بين الظلام بصعوبة، ثم أختفى الشقيق الأكبر لأحمد في الزقاق. لقد بدأت ملامح وجوهنا ترتسم عليها الخوف.
لما تناقلته نساء وأمهات القرية لقصص رعب أنها حدثت في هذا الزقاق الطويل والمظلم.قصص رعب حكاها أطفالهن سابقا كما حكوا عن البيت المهجوره والتي أصبحت الآن معلامة لنا وندرس فيها في الصيف.
لقد سمعنا ذات مره إحدى الأمهات وهي تحكي عن عجوز شمطاء تخرج من هذا الزقاق ليلا لتحلب الأبقار المتواجده في العريش ثم تعود تختفي وسط هذا الزقاق حيث توارئ أحمد وشقيقه الأكبر ولم نعد نسمع لهم أي شيء.
لقد انطفئ ضوء الكشاف الذي كان في يد الشقيق الاك٦بر وبالأصح يبدو انه سقط من يديه أثناء محاولته العبور من بين الأدوات العاطلة والأخشاب شولات مبعثرة.
انسحبنا جميعاً بصمت من وسط العريش بتجاه الخارج. بقيت انا واثنين من زملاء الفريق واقفين على حافة الباب الخشبي. ونحبلق للداخل بتجاه الزقاق المظلم.
قال محمد صديقي وهو يحدثني و يحلف ان الجن اخذوا احمد وشقيقه الأكبر ، وطلب مني نذهب نكلم أستاذنا الفقية في المعلامة وبماحدث..قلت له أنتظر .
عدنا إلى العريش مجددا ونحن خائفين،سمعنا حركة قادمه من الزقاق وبقينا محبلقين وخائفين.
لقد لحقت الحركة صوت صراخ أحمد يتعالى من داخل الزقاق. ثم سمعنا صوت بكاء يملئه الرعب. لحقه صوت شقيقه الأكبر كان يحدث أحمد يقول له “لا تخاف ياكلب اخرج”.
عندما اختفى الشقيقين لدقائق في الزقاق المظلم ، حدثت مشكلة مع الشقيق الأكبر، أثناء اجتيازه للأدوات وسقط عليه كشاف الضوء من يديه للأرض وانطفئ، وظل يبحث عنه بهدوء بين الأدوات ولم يعثر عليه. وقد استسلم للأمر الواقع وتوقف هناك حيث سقط الكشاف من يديه لدقيقتين .
هذا ماقاله لنا بعد أن عاد إلينا برفقة أحمد شقيقه الصغير الذي ارتعب وصرخ عندما شعر بيدي شقيقه تلمس وتتحسس شعر رأسه بالظلام، ويبدو أن أحمد كان نائما من شدة خوفه وامتناعه للحضور للمعلامه ، ربما توقع أن أيادي شقيقه هي يد العجوز التي كررت نساء قريتنا سردها لأطفالهن.
خوف أحمد من فقية المعلامه جعله ينسى قصص رعب كثيرة سمعها عشرات المرات بسبب رعبه من المعلامه.
لقد أحضر احمد أخوه المختبئ من بين الأدوات والظلام. وقد تكفلنا نحن ببقية المهمة مرة حملناه على ظهورنا ،وهو يبكي ويحاول يفلت منا.
لقد شتمنا كثيرا.وركلنا بقدميه،وعضنا بأسنانه. وسقط على الأرض عدة مرات وسحبناه وهو يصرخ ، مرة التقط الأحجار ليرميها علينا وكل ذلك ليهرب .قلت لكم أنه خلق ليهرب ..لكن هذه المره لم يستطع.
لقد أوصلناه المعلامة سحباً. وبعد أن استقبلنا المعلم الفقي تحدث مع الطالب أحمد هكذا أهلا أهلا بالهارب . أحمد كعادته رد عليه “والله يا أستاذ كنت قادما للمعلامة بس هؤلاء سحبونا على الأرض وضربونا، وأنزل أحمد دموعه أمام الفقية .
وقد استعطف معلمنا الفقية بدموعه الكاذبة حتى اتجه الفقية نحونا يسأل ويحقق معنا .ونحن نرد عليه والله أنه يكذب، لكن معلمنا صدق أحمد ولم يصدق فريقه الذي أرسله لإحضار أحمد ،وطلب منا بفتح أيادينا استعدادا للضرب ” الخبط ” بالعصاء .وقد حصل كل طالب بالفريق على 5 ” خبطات ” مقابل ما ارتكبناه بحق احمد المختبئ ولو كان كذباً.بينما كان الأستاذ مشغولا يضرب الطلاب، فقد عمت الفوضى لتملئ المعلامة. أما أحمد استغل الفوضى وانشغال معلمنا وتسلسل بهدوء من وسط المعلامة ، وهرب من دون معرفة احد.
عاد معلمنا الفقي يقعد في مكانه في مقدمة الفصل بعد ان أكمل يعقبنا، فشاهد الى المكان القريب من الباب حيث كان يقعد فيه احمد الحيطي لكنه لم يشاهده متواجد هناك.وقد سألنا أين راح أحمد.
وقال هرب .صح .والله هرب .وضحك. قام من مكانه مباشرة وطلب منا أن نلحق احمد بسرعه.لقد ركضنا نجري لنلحق أحمد ونهرب معه أيضا ؛ لا لأجل نحضره ونضرب مرة أخرى …!