- عبدالحكيم الفقيه
السكاكين لا تسند الظهر
جدراننا من مياه
وأيامنا كقطار يسير على جلد أفعى
وذاكرة القات مكتظة
والكلام حروف مفخخة وصدى من أنين
هنا يقطع الناس حبل المحبة
يعتصمون بحبل الشجار
ويصطنعون التحايا
ويبتسمون كما يفتح القرش فاه
هو الرجل الطين
لم يدر أن بنيه تُكسر أحلامهم كالفناجين
أن الحياة مكبلة بالشجون
اقطف الورد قبل انهمار الرصاص
وعش لحظة قبل يمضي الأريج
ودع أي قبر يجيء إلى جثتك
قد يجيء الممات على هيئتك
ويعشعش بوم الخرائب في رؤيتك
ويغني لك الوقت كي تتهجى حروف الوصية
أو يرحل الكون من بهجتك
والمدى شاحب
تستعين السماء بأعمدة من دخان
وترتص أنجمها
والرياح مولولة
والغبار يطير من الأرض
والأرض مكلومة كالسجين
وأنت المحاصر في بقعتك
***
خائن وحقير هو الوقت في بلد الأخطبوط المتوج والنسوة الخاويات العقول، كأن السكاكين في القلب من كل صوب وجدراننا لا تصون الظهور، القرنفل يأفل والليل سيد هذا النهار الكفيف وصنعاء تحترف القتل والناس معجونة من قلق
***
الإذاعة مشغولة بالهراء ووجه الجرائد مثل قفا النعش والشجرات غصون مجردة من لباس الورق
***
ليت كل المحيطات تأتي وتطمر هذي المدائن، يا ليت عقرب ساعتنا يستحيل رمادا ويدخل في لحظات الغرق
***
لا أحب البلاد التي لم تعِ ما معي من جراح ولا تتأوه في طرقات الأرق
***
الزهور الصغيرة يا للفجيعة تعتنق الشوك، حتى القناديل مفتونة بالغسق
***
الزهور الصغيرة مجنونة بالوراثة، ماذا دهى الفرع يقسو على أصله؟ فأنا سأعوذ “برب الفلق”
***
لم يعد أول الحلم كركرة من ألق
***
ليس يدرك قلبي احتمال الجروح فخار كما جمرة واحترق
***
رق ماء الحجارة فانبجست أعين تتمرأى الجبال بها والرياح تسرح شعر الحقول وقلب الأوادم من خشب وخزف
***
المغني على جرحه ناح وانكسر العود من شجن واصطفى صمته وعزف
***
أزف الدمع (يا عين يا ليل) يا صبح يا ويل يا غيل يا سيل ماذا ترقرق من فجوة الروح؟ ماذا انجرف؟
***
الصبايا مشردة في البراري وقلبي غُرف
***
أي باب ستقرع
والدور هامدة كالقبور
النوافذ عوراء
والحرب ما تركت للمداميك رصتها
والرصاصات ساخنة
كل شيء يذوب
إذن لا تجوب
ولا ترهق النفس بالأمنيات
وباللف والدوران
هنا بومة
فاختصر
وانتصر
كي تلوح الدروب.
***
لماذا تجيء المواويل دامعة والصدى شاحب وحزين؟ أفي القلب غصة؟ أم أن “ناشئة الليل” مقلقة كالحنين؟
***
الربابة كالحة والرنين، ورمل الهواجس يثقل ظهر السنين، ورائحة الموت أقوى من الياسمين، وفي الدرب منعطف شاخص وكمين
***
الكمنجة تبكي ومن وتر القلب يأتي الأنين
***
سأغمد بوحي بجرحي وأعزف في شرفة الوقت قيثارتي وأهيم، القصائد تركض في كريات دمي والوتين
***
فقد يحتوي الشعر حينا على الماء والخبز والأكسجين
***
أنا العاشق الحر والملكوت سجين.
***
يفقأ الحزن عين القلوب وذاكرة الروح مشحونة بالفراغ، المدائن إن أقلقتها الجيوش شكت وإذا كثف المال أوجاعها والأنين بكت وإذا أضحكتها السنون ربت في شوارعها الشجرات وحطت طيور الأماني على باسقات الغصون ولاح المغني بشوشا كصبح القرى، كم روى الناي عن وجع في البيوت وكم كفكف الضوء دمع الأزقة، ما بين حين وحين حنين ومابين قارعتين جراح
***
الكلام غبار السنين وصفصافة التل مشلولة، لا الظلال استطال قليلا ولا نجمة هبطت من مواقعها، تعبر الشمس واجمة والجبال كعادتها ليس تخشى الرياح
***
يهطل الليل كالصمت في الطرقات وبوح الشبابيك منكسر والقناديل حيرى ودائخة نغمات الكمنجة قرب النهار المُزاح
***
كم ذرفنا القصائد كم عبر العاشقون على الجمر كم حاصرتنا المُدى في الطريق إلى عتبات الصباح
إكتوبر ٢٠٠٦