- ضياف البراق
قلبي يحترق على تعز، كم هي مُرهَقة الآن، مخذولة، مخنوقة، تنزف دمعًا ودمًا، ترزح تحت قسوة شتّى المرارات، تفقد الحياة بمعانيها الضرورية والحقيقية. كم هي وحيدة وسط العذاب، تغرق في الظلام الكاسِح اللعين، تنهار على نحو كارثي، هذه جوهرة نقية لا تُقدّر بثمن، وها هي تتحطّم تحت مطارِق العهر السياسي العنيف. تعز مسحوقة، ينخرها الفساد من كل باب، وكل جانب، وكل مفصل، الحشرات الخبيثة تلتهمها شيئًا فشيئًا، إنها تموت من الحصار الحاقِد، وغلاء الأسعار، تموت من نتائج هذا الضجيج السياسي القبيح.
تعز المنكوبة والمجروحة،
لا ترضخي لليأس والموت، اغضبي كثيرًا وكثيرًا، لا تنامي تحت وطأة الفساد، انتفضي بشدة، ثوري على السفلة والفسدة جميعًا، ماتت جميع هذه الأحزاب الوسخة، تحرري من زيفها وادفنيها، مات ضمير هذه السياسة، فثوري عليها، حطّميها واخلقي لنفسكِ سياسة حياة جديدة، ثوري أولًا على أعدائكِ من الداخل، هم الأخطر، هم القذارة الثقيلة الجاثمة على صدركِ، على التحديد، لا تسمحي للصوص الدين أن يستغلوا عواطفكِ، ثوري عليهم دومًا، إنهم ثعابين، كذّابون، مسوخ، بطّاشون، شياطين، سيأكلونكِ لحمًا وعظمًا، قارعيهم حتى ينتهوا!
أيها الخبثاء،
يا عديمي الوطنية والإنسانية والأخلاق، دمّرتم تَعِزَّ، قتلتم وعذّبتم أهلها، زرعتم فيها التعاسة والفساد والألغام والمجاعة، أنزلتم عليها ظُلماتكم وعواصفكم وأمراضكم، جلبتم إليها كل المشاكل وشتى الأزمات، قمعتم صوتها الجميل، تطاولتم على شرفها، لوّثتم ماءها هواءها وشجرها، ذبحتم فيها الضوءَ والأملَ والكلمةَ والطفولة، سرقتم منها كل نبضة، لم تتركوا لها حتى لحظة سعيدة، تماديتم على كل شيء، ودائمًا تواصلون عبثكم بها، بكل خبث، قذفتم فيها الرعب والجنون والعذاب، كم أنتم حاقدون عليها، حاقدون على الحرية والكرامة والجمال، إنه حقدكم الأعمى الذي سيرتد عليكم غدًا، أو في أي يوم، لا بد من يوم عادِل تحل عليكم فيه أقسى اللعنات، ويلحق بكم خزي التاريخ كله، لا بد من هزيمة ساحقة تجرفكم إلى أقذر المزابل.
أعداء تعز، من داخلها وخارجها، جميعًا، أنتم الأنانيون، وأنتم الصغار، تعز ستظل شامخةً فوق أعلى قمة، هي العظَمة الوطنية الأصيلة، وهي الكبرياء الشريفة، اتركوها تتقدّم وتتنفّس، إنها ليست أنانية أبدًا، هي التي تضحّي بنفسها، وتضحّي بكل شيء، من أجل اليمن الكامل، تتحمّل كل هذه العذابات والجراحات والنكبات، من أجل كرامة يمنية عالية، من أجل الوطن كله، لا تقسوا على أُمّكم الحنون، إنها طيّبة جدًا، كما أنها أكبر من الأحقاد والحروب، وأشرف من السياسة، ولا قوة تفوق قوّتها عندما تغضب وتثور على كل شيء، هي الثورة المستمرة على مر الزمن، وهي التنوُّع والتعدُّد والاختلاف والتعايش والحوار، البراءة والدهشة والشهامة، هي الكفاح الإنساني المتدفق، والنشيد الوطني الفريد، عذوبة الحضارة وشموخ الألم الحُرّ، هي العطاء الخلّاق المُتجدِّد، والوطنية الحيّة الواسعة، والعقل الذي يجري مع التطور، فلا تظلموها، لا تعبثوا بروحها النبيلة، ستهزمكم بالتأكيد.
أيها النابغون في الشر، الفاشلون في الإنسانية والحياة، لا تظلموها، لا تحطّموا روحًا كريمة أضاءت حياتكم لأزمنة طويلة، فكوا حصاركم عنها، دعوها تعانق الضوء وتستقبل الحياة، كونوا أحرارًا لمرة واحدة، كفّوا عبثكم بها، اخجلوا قليلًا، خزيًا لكم!
يا أبناء الوطن جميعًا، تعز ليست خبيثة، لا تخذلوها، لا تنظروا لها نظرة خاطئة، الكريم ما يستحق إلا الخير والجميل، عانقوا هذه الروح الكبيرة التي تعانقكم دائمًا بصدق وسخاء. إنها جميلة جدًا، لكنها الحرب شوّهتْها كثيرًا، وهذا ليس ذنبها، إن الحروب تشوّه كل ما هو جميل، فالوحش لا يحب الوردة، والظلام لا يفهم لغة الضوء، والنجاسة ترى كل شيء نَجِسًا، قفوا معها، فإذا نهضت تعز، سينهض كل شبر من هذا الوطن الهامِد، هذه الحقيقة لمن يدركها.