- متابعات
الإيديولوجيا هي علم الأفكار وأصبحت تطلق الآن على علم الاجتماع السياسي تحديدا ومفهوم الإيديولوجيا مفهوم متعدد الاستخدامات والتعريفات؛ فمثلا يعرفه قاموس علم الاجتماع بمفهوم محايد باعتباره نسقا من المعتقدات والمفاهيم (واقعية وعيارية) يسعى إلى تفسير ظواهر اجتماعية معقدة من خلال منطق يوجه ويبسط الاختيارات للأفراد والجماعات وهي من منظار آخر نظام الأفكار المتداخلة كالمعتقدات الاجتماعية / السياسة
التي تؤمن بها جماعة معينة أو مجتمع ما وتعكس مصالحها واهتماماتها الاجتماعية والاخلاقية والأساطير والدينية والسياسية والافتصادية
وتبررها في نفس الوقت.
والإيديولوجيا هي منظومة من الأفكار المرتبطة اجتماعيا بمجموعة اقتصادية أو سياسية أو عرقية أو غيرها، منظومة تعبر عن المصالح الواعية -بهذا المقدار أو ذاك- لهذه المجموعة، على شكل نزعة مضادة للتاريخ، ومقاومة للتغير، ومفككة للبنيات الكلية. إن الإيديولوجيا تشكل إذن التبلور النظري لشكل من أشكال الوعي الزائف.
في حين يعرف البعض الإيديولوجيا كقناع أو كتعارض مع العلمية أو حتى كرؤية للكون والقاسم المشترك بين هذه التعريفات أنها تطرح علاقة مركبة بين الواقع والإيديولوجيا فهي تعكسه وتحاول تسويغه أيضا والواقع ليس مجرد واقع مادي بل واقع اجتماعي نفسي روحي وهو واقع إلى جانب تطلعات وآمال.
إن الإيديولوجيا تقوم بدور الوسيط لأنها نسق رمزي يستخدم كنموذج لأصناف أخرى: اجتماعية ونفسية ورمزيةوهي قد تشوه الواقع أو تخطئه لكنه تشويه يعكس حقائق معينة ويطمس أخرى لتوصيل رسالة معينة للمؤمنين بها.
فقدرة الإيديولوجيا تكمن في قدرتها على الإحاطة بالحقائق الاجتماعية وصياغتها صياغة جديدة؛ فهي لا تستبعد عناصر معينة من الواقع بقدر ما تسعى لتقييم نسق يضم عناصر نفسية واجتماعية ودينية.إلخ، مماثل للواقع الذي تدعو إليه الإيديولوجية.
إن السؤال الذي تثيره الإيديولوجيا هو مدى فعاليتها في رسم صورة للواقع الاجتماعي وتقديم خريطة له وأن تكون محورا لخلق الوعي الجمعي.
واستخدام مفهوم الإيديولوجية كأداة تحليلية يتطلب تعدد مستويات البحث بوصف منطقها الداخلي وحتى ادعاءاتها عن نفسها وسماتها الأساسية كجانب معبر عن الواقع.
تتم دراسة الإيديولوجيا لتقييم مدى عكسها للواقع، وهذا يتطلب دراسة البدائل التاريخية المتاحة والنظر للإيديولوجيا في نتائجها الإنسانية على الجماعة والتطور الاجتماعي.
إن دراسة الإيديولوجيا تتطلب الجمع بين مدخلين محاولة الوصول لأنماط عامة بالمفهوم العلمي ومدخل دراسة المنحنى الخاص للظاهرة في تعيينها، أو بعبارة أخرى: دراسة الشكل الخاص للعلاقة بين البناء الفوقي والبناء التحتي وهي علاقة جدلية تبادلية التأثير، فكلا البنائين الفوقي والتحتي يكتسب هويته المتعينة من خلال الآخر آخذا في عين الاعتبار أن البناء التحتي ليس وجودا ماديا فحسب بل وجودا ماديا وحضاريا وفكريا.