- منال الهلالي
ومن يعيد لهذا القلم الذي جف، حبره؟
ولهذا الفكر المزدحم ترتيبه، ليراك من جديد ويناجيك كما ينبغي وكما تستحق المناجاة أن تلتصق بك؟
لطالما شكوت عبث فناجين القهوة برأسي، إلا أنني كلما رأيت الافكار آتية لي طواعية، نسيت ما ينوبني من سهاد وأرق، فيتناوب الحرف وحضورك، ساعات سهري، وتغدو الكتابة مغدقة بالجمال ومترفة بالرقة والحسن، حالها حال الأضداد التي تستعذب الاجتماع، وتطوع كل شيء يمنحها البقاء والتكيف.
من أشهر وأنا لا استطيع الكتابة فعليا، ولا اقدر على القراءة عليَّ أُشفى مما لدي!
وأنت أنت لا شيء تغير، كم مرة كتبت إليك بسري، وحلمتُ بأنك تقرأني، تتلوني حرفا حرفا، فتمر التفاصيل على شفتيك كما تمر النار على غصن رطيب، وابتهج جدا وجدا وأنت تستعل أمامي.
وددت كثيرا أن تأتِ، ولو صدفة أراك، فتتلاحق خلف مجيئك الكلمات والهواجس، ولكنك لا تفعل وهي أيضا لا تطيعني، فقد ارتكبتُ حماقة الاعتراف أمامها بأنك مُلهمي وعيناك شُربي وخيالاتك قِداحي، فأبلغت نفسي حالا لا فكاك منه وأنا سجينك وأسيرك، أمامها، و الحر الطليق أمامك وأمام العالمين.
كيف لي أن أعبر هذا الليل الطويل وحدي، والتساؤلات عثرة والكتمان لظى والبوح حريقة؟!
كيف لي أن أُجسد ما أريده على ورق يبلى كلما لفحته أنفاس النجوم الساهرات معي؟!
ليتك تخبرني.
فإن الرجاء الطائف على ملامحي والمبتهل في نظراتي، يعلل كل شيء حولي، إلاااك وغيابك، وكينونتي تختزلك في بضع كلمات، أُسر بهن إلى مهجعي، وسهادي شاهد يموت في كل ليلة بعدي حين أنام.
ليتك تعلم، ليتك، كيف تكثر الأحاديث جدا وتتعمق المناجاة والهمس أكثر وأكثر، فتتجذر الأشياء فيَّ بقوة كلما تعرفت على ملامحي، الليالي والأماسي، فتنسبني إليها بألقاب عدة، أخفُها “ضريعة الليل” و”رفيقة النجم”، ومع كل حال من هذه الأحوال وبين الكثرة والقلة والقبول والرفض في ضميري، أجدك تتخلل نظرتي العائمة في تأمل السماء الواسعة من حولي، وينبثق اسمك لا إراديا في تنهيدة عظيمة لا عزاءات ترافقها إلا بقايا عطر حبيب، حرصت على رشه على ملابسي وكفي، وعبثت به الريح كيفما شاءت متسائلة-كعادتها-لماذا لم يأتِ؟!
…………………..