- كتب: ضياف البراق
الإعلام سلاح لا يقل خطورة عن سلاح التدمير. وبهذا السلاح تحقق إسرائيل أكثر وأخطر أهدافها. ومن أخطر أسلحتها في هذا المجال هو “أفيخاي أدرعي”: الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال، باللغة العربية. وبدأبٍ لا مثيل له يلعب أدرعي أدواره المرسومة له سلفًا، ويغزو من خلالها عقولًا عربية كثيرة. على السوشال ميديا صار أدرعي مشهورًا. وفي اليوتيوب قنوات كثيرة تتناقل تصريحاته وتمثيلاته الداعية للسلام. المشكلة الخَطِرة أنه أصبح يؤثر في عقول ونفوس الكثير من الساذجين وعديمي الثقافة الحقيقية. هو لديه كاريزما إبليسية فعّالة، ومنهجية بارعة للتضليل، وقدرة سريعة على المراوغة والقفز والهروب من الحقائق التي لا تعجبه. هذا زارِع ألغام فريد من نوعه، يزرعها في الرؤوس. جميع حواسه وحركاته مبرمجة وجاهزة لتأدية دور احتلال العقول. هذا هو الحقد النشيط ذو النفَس الطويل. تلمودهم يعلمهم أن يقتلوا ويكذبوا ويطمسوا آثار الجريمة، هذا في التعامل مع الآخَر أي غير اليهودي. ومَن لمْ يقرأ التلمود فلن يفهم حقيقة هذا العدو.
إنه خازوق. حَنَش. إنسانية كاذبة. ذئب بشري يزني بالحقائق ويتبجح بالقوة. هذا الوجه الخبيث يطلع على الشاشات، بمظهر الداعي إلى السلام، المحب للخير، الناطق بالحق والحقيقة. إنه تلمودي حتى النخاع، لكنه يخفي هذه الحقيقة وراء قناع مصطنع من البشاشة واللطافة والبلاغة الزائفة. وكل كلمة يقولها، هي كذبة أو لغم أو وردة مسمومة. وفي كثير من الأحيان، يأتي باستشهادات مقتطفة من القرآن أو السنة النبوية، يُرونِق بها كلامه ويُلمِّعه ليغدو مقبولًا عند المتابعين العرب. والأدب الصهيوني لا يخلو من هذه الحلاوة السامّة!
مصطلح “إسقاط” في علم النفس، يعني، ببساطة، أنّ يأتي شخص إرهابي، مثل أفيخاي أدرعي، ويتهمني أنا العربيَّ المُسالِمَ بأني إرهابي، ثم يقتلني بحجة محاربة الإرهاب. بمعنى آخر، أن يرميني أحدكم بعيوبه وأمراضه النفسية، وأنا منها براء، ولكن لأن هذا الشخص يكرهني. إسرائيل تمارس هذا الإسقاط على خصومها، تنعتهم بالإرهاب، وتعتبر نفسها حمامة سلام، ورأيناها تقتل إخواننا في غزة، بسلاحها الجوي، بدعوى الدفاع عن النفس! هذه مهمة الوغد المخادِع أفيخاي: إيقناعنا بأن إسرائيل ليست عدوًا لنا، ولكنها قصيدة سلام في المنطقة.
هذا هو واحد من أخطر أسلحة الاحتلال. هذا جندي إسرائيلي ذو وجهين وذو لسانين. يتقن العربية بشكلٍ جيّد، ويقول إنه تعلمها بدافع إنساني وحضاري، وليس بغاية معرفة العدو. ونحن نشك حتى في هذا. إنه عندما يتكلم يقول، بكل ثقة، ودائمًا، إنه سيضع النقاط على الحروف، ولكنه، في الحقيقة، يضع الأكاذيب والتبريرات مكان الحقائق. والعجيب فيه، أنه يقدم نفسه للجمهور العربي، على أنه حارس للسلام، وليس مجرم حرب. هذا مجرم حرب نشيط جدًّا، ويريد أن يقنعنا بأنه صوت إنساني ملائكي. يتهرب دائمًا من الأسئلة الصحفية التي تفضح جرائمهم الصهيونية، ويأتي بعبارات وأقوال عارية تمامًا من الصحة، ولا قيمة لها سوى أنها تؤكد على خباثة هذا العدو المُخادِع.
قالها وكررها مرارًا: “أنا إسرائيلي وأفتخر”. إنه غطريس، وهذه محاولته الوحيدة لنفي شعوره بالنقص والهزيمة الذي يسيطر على نفسه. ويقول دومًا: “جيشنا جيش دفاع لا جيش هجوم”. وفي الواقع، نرى، دائمًا، جيش الاحتلال هو من يبدأ الحرب على الفلسطينيين، ثم يتهم المقاومة، عندما ترد على اعتداءاته المتكررة، بأنها هي التي بدأت. “نحن ندافع عن أنفسنا، عن مواطنينا وسيادتنا”، يقول الوغد. والحقيقة أنه يقتل الفلسطينيين ولو بغير سبب، وإنما بدافع مَرَضي هو أنه مدمن حد الهوَس، وتاريخيًا، لمهنة القتل. ثم إنه محتل بغير شرعية، فلا يحق له أن يتحدث عن سيادة مزعومة!
يقول التافهون: أفيخاي علماني، إذن هو إنساني مُتحضِّر. وأقول لهم، مثلًا: إذا تعلمنَ الصهيوني، فهذا لا يعني بالضرورة أنه قد صار إنسانًا متحضِّرًا. فالتلمود، كتاب اليهود المتعصِّب والخبيث والدموي، لو غلّفناه بغلاف جديد من الورد، يظل، مع ذلك، تلمودًا بما يحويه. الخبيث إذا لبس رداءَ الطيّب، يظل خبيثًا من الداخل.