- حسين الوادعي
الإسراء و المعراج. .
ذكرى المعجزة الكبرى التي أنزلها الله ليؤيد نبيه و لتكون حجة على الذين لم يؤمنوا به، كما يعتقد المسلمون.
لكن هناك تساؤلات بسيطة حول المعجزتين، على افتراض انهما حدثتا فعلا، أريد مناقشتها معكم.
التساؤل الأول: إن المعجزة تهدف إلى تأييد الأنبياء وتأكيد صدق دعاواهم. وحتى يحدث ذلك يجب أن يشاهدها الناس.
لكن العجيب والمريب في معجزة الإسراء أنهما معجزة لم يشاهدها أحد!
فقد حدثت سراً و في الليل و لم يرها أحد غير الرسول!
وبدلا من أن تزيد معجزة الإسراء من مصداقية الرسول كان مفعولها عكسيا إلى درجة أن كتب التراث قالت إن الوحيد الذي صدق الرسول هو أبو بكر، وأن بعض من آمنوا شككوا فيه!
نفس التساؤل عن معجزه المعراج، و هي معجزة ضخمه بمقاييس كل المعجزات المذكورة في الأديان الأرضية و السماوية.
فإذا أتفقنا أن هدف المعجزه هو تأييد الرسل؛ فالمعراج حدث غير مرئي فكيف يمكن أن يرى الناس الرسول وهو يدخل السماء الأولى و السماء الثانية و السماء الثالثة..؟
ألم يكن الافضل أن يقوم إله المعجزات بارسال البراق نهارا ليراه كل سكان قريش ويؤمنوا بنبوة محمد بدل أن تتحول المعجزة السرية إلى مناسبة لسخرية مشركي قريش من النبي المدعي؟!
والأدهى من ذلك أن “الاوكازيون السماوي” (تخفيض الصلوات من خمسين إلى خمس بعد مفاصلة مع الله) إهانة لمقام الألوهية والنبوة معا، ستدفع الناس للإلحاد بدل الإيمان.
من بين التساؤلات حول معجزة المعراج تشابهها الحرفي مع معراج زرادشت، الديانة التي كان سلمان الفارسي قد اعتنقها قبل الإسلام، وتقول المرويات أن الرسول كان ينفرد بسلمان كل ليلة ليسمع منه عن حكايات وتعاليم الأديان الأخرى.
ماذا عن المعجزات الأخرى مثل معجزة زياده الطعام ، وانبثاق الماء من بين أصابع الرسول، وحنين جذع النخلة إليه؟!
في كل هذه المعجزات، إن صدقت، هناك مشكله أخرى ، أنها لم يشاهدها إلا المؤمنين بالرسول. ونحن نعرف أن المؤمن لا يحتاج إلى معجزة لأنه حسم أمره و صدق بالرسول و بالدين. أما من يحتاج رؤية المعجزه فهو الكافر. فما فائده هذه المعجزات إذن؟
كانت كتب التراث الاسلامي كانت أكثر حرية و أكثر جرأة وعقلانية من كتابات الاسلاميين اليوم.
في الماضي كان هناك جدل واسع حول إذا ما كان الإسراء قد حدث بالروح أو بالجسد ، وذكرت كثير من تفاسير القرآن أن معجزه الاسراء و المعراج لا يمكن أن تكون بالجسد و أنها كانت مجرد رؤيا وليست انتقالا ماديا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أو من الأرض إلى السماوات العلا.
كما أن هناك جدلا قديما جديدا حول النبي المسري به هنا: هل هو محمد أو موسى(آيات الإسراء تتحدث عن موسى وليس عن محمد)!و كان هناك جدل حول معنى الاسراء الذي فسره البعض بانه الخروج ليلا خفية عن أعين الكافرين. أما المعراج فلا ذكر له في القرآن أبدا.
المعجزة الوحيدة التي تقول كتب التراث أن الكفار شاهدوها أيضا هي معجزه انشقاق القمر. لكن هناك مشاكل علميه وتاريخية كثيرة في تصديق هذه المعجزة.
فلو حدث فعلا وانشق القمر لشاهده كل البشر الأحياء في ذلك الحين.. لكننا لا نجد أي توثيقا تاريخيا لانشقاق القمر عند أي حضارة، والغريب أن حادث انشقاق القمر حسب الروايات التراثية مر بهدوء بدون أي كوارث طبيعية، ولم يقنع حتى كافرا واحدا من كفار قريش بالاسلام!
بل إن كل المعجزات المنسوبة للرسول لم ثؤثر حتى ولو تأثيرا محدودا في إقناع الكافرين أو تثبيت المؤمنين.. فلم نسمع أبدا عن شخص دخل الاسلام في عهد الرسول بعد أن رأى إحدى معجزاته.. فما فائدة هذه المعجزات التي لم ينجح في إقناع حتى شخص واحد بدخول الإسلام؟
أختم هذه التساؤلات بنيوتن..
كان نيوتن أول من أثبت أن الكون خاضع لقوانين طبيعية لا يمكن كسرها، ولو أراد الله التدخل المباشر في الكون لتدخل ضمن هذه القوانين(سنة الله التي لا تتبدل)، ولأن المعجزة خرق لقوانين الطبيعة فهي بالضرورة خرق لسنة الله، والنتيجة المنطقية التي نصل لها أنه لا يوجد معجزات..
على الأقل هذا ما أؤمن به وأترك التساؤلات مطروحة للجميع.