- عبدالرحمن بجاش
لا أدري وكنت في لحظة أحسب ذهني خاملا ، كيف وردت إلى ذهني …فوجدتني أضحك بلا حدود …
والحكاية هكذا :
في المرحلة الابتدائية ، لا أدري من الذي تكرم علي بحقيبة للملابس كبيرة الحجم جميلة الشكل ،وهذا ربما جعلني أرتبط بها عاطفيا على اعتبار أن الإنسان خلق وحب التملك يسري في شرايين دمه …
كل ملابسي وكانت لاتذكر لم تكن لتشغل حيزا كبيرا داخلها ، أكتشف ذلك عندما كنت أسافر إلى القرية في الاجازات ، لا أدري لم كنت أحرص على أن ترافقني كل كتب المدرسة ودفاترها !!!..ولأن الكتب ثقيلة كما تعلمون ، فقد كنت أثير الرغبة في الضحك لدى الآخرين كلما شاهدوني أسحبها كيفما أتفق ، أو أظل اتعارك معها حتى يقيض الله لي من يحملها عني أو على الأقل يساعدني في حملها …
إلى اللحظة لم أدرك السر وراء حرصي على أن ترافقني دائما في حلي وترحالي ، ربما حب الظهور أمام أقراني في القرية هو السبب …
في اجازة قضيتها في قريتي حملتها معي ، وذات لحظة لا أدري كيف أكتشفت أن كتاب المطالعة غير موجود ، وهات يانحيب ، وهات يابكاء ، عملت من الأمر حكاية لها أول وليس لها آخر…
الجميل أن عمتي سألتني وقد سمعت نحيبي ، فصورت لها الأمر كما لو أن الكون سيضيع بضياع المطالعة ، جلست بجانبي وهات يابكاء على ” حق إبن أخي” ، إذ لم تستطع أن تنطق وتكرر” المطالعة العربية ” …لتأتي جدتي وتسأل ، ومن بين الدموع أخبرتها عمتي بالكارثة فأنظمت إلينا وهات يا مشاركة في البكاء على ” حق ابني الضائع ” …
أجمل مافي الأمر أن عمتي ولكي تهدئ من روعي وخوفي الذي صورته على أنه عظيم ” والله أن الأستاذ جابر سيقتلني ضرب ” لترتفع وتيرة بكاء جدتي : ” ياويله من الله الذي سيضرب ابني ” ، لم الحظ اختفاء عمتي فجأة ، لكنني لاحظت مابيدها عندما ظهرت من جديد ، بيدها ” قصعة أناناس” ، هنا كانت اللحظة مفصلية أما أن أظل اندب أو أوجه كل اهتمامي للأناناس ، فكأنني أوكلت لجدتي أن تستمر في البكاء ، وأنا تفرغت لماءها ولذة الأناناس ….
بعد يومين أو في اليوم التالي جاء يدعوني أحد أقراني ،ليهمس في أذني : هناك في قرية الوجد – وهي تبعد قليلا عن قريتنا – ثلاثة كلاب ملاح ، قلت هيا ، لنعود بأجملها الذي ظل طوال الوقت يصرخ … قريبي ذهب بسبب حلول الليل وترك لي الكلب ، عمي كان لحظتها في المسجد ، دخلت إلى عمتي ورجوتها أن تجد لي مكانا أخبئ فيه كلبي ، فلم نجد ..فاهتديت إلى فكرة عظيمة ” حقيبتي ” أدخلت الكلب الصغير داخلها وأغلقت …
لبعض الوقت ظل صامتا ، جاء عمي وأنا أدعو الله أن لايعرف عن الكلب شيئا ….
فجأة بدأ يصرخ ، تنبه عمي ، نزل أسفل الدار يبحث فلم يجد شيئا ،وعمتي تحاول إقناعه أن الصوت يأتي من الخارج …
مرت الليلة بسلام ،والجميل أنه لم يمت داخل الحقيبة وإن عبث بكتبي ودفاتري …
فجرا تسللت إلى الخارج لألتقي بالعبادي لنقوم بقطع أذنه ليكون متوحشا …
حقيبتي سحبتها من جديد إلى تعز …ولم أعد أتذكر مصيرها …
لحظات جميلة تمر في حياة الانسان …تظل لصيقة بذاكرته …
لله الأمر من قبل ومن بعد .