بعد عشر سنوات من قيام الأطلسي بالقضاء على دولة ونظام وسلطة الجماهيرية العربية الليبية, لم تتفق الجماعات المسلحة وعصابات الإجرام والإرهاب على تسمية الدولة الليبية الجديدة, وتحديد هويتها وذلك بسبب واحد ووحيد هو حرص الأطلسي وأتباعه, على حذف الهوية العربية من اسم الدولة الليبية الجديدة, سواء كانت جمهورية أو ملكية, بسيطة أو مركبة.
تتضمن مسودة الدستور المقترح من روسيا للدولة السورية الجديدة, نصاً على إلغاء الصفة العربية من اسم الدولة ودستورها, وهو ما يعني إلغاء الهوية العربية في سوريا, تحت ذريعة التعدد العرقي والديني في شعبها, حيث العرب في هذا البلد جماعة قومية من بين جماعات أخرى, وهي أيضاً جماعة منقسمة دينياً بين السنة والعلويين والدروز.
من يرجع إلى المفاوضات التي جرت في تسعينات القرن المنصرم بين ممثلين للولايات المتحدة الامريكية وكل من حكومتي سوريا وليبيا, لتسوية خلافات امريكا مع هذين القطرين يكتشف لماذا كان الطرف الامريكي يشترط على حكومتي طرابلس ودمشق إجراءات معينة لإرضاء واشنطن, منها فرض تأشيرة على دخول مواطني الدول العربية إلى سوريا وليبيا, لأن السياسة الامريكية تجاه الوطن العربي, تركز هدفها على طمس الهوية العربية, وتتمسك به استراتيجية ثابتة.
فإذا حذفت الهوية العربية من اسم ودستور الدولة السورية الجديدة, يكون المحيط الجغرافي والسياسي للكيان الصهيوني قد خلا تماماً من العروبة اسما وهوية, حيث جمهورية لبنان ومملكة الأردن وجمهورية العراق والجمهورية السورية, كيانات متعددة الأديان والأقوام, لا عرب فيها ولا أعراب, وبالتالي كيف تكون فلسطين عربية في محيط غير عربي؟ وذلك يعني أن “إسرائيل” مثل محيطها, وطن يهودي فيه أقلية عربية, بل أقلية فلسطينية,
على هذا الأساس, تبقى جمهورية مصر العربية في خطر الاستهداف لهويتها العربية في مسمى الدولة ودستورها, وقد لا يتأخر موعد استهدافها كثيراً فالشرق الأوسط يتشكل الان على أنقاض القومية العربية وطناً وأمة, ويسهل في مصر أن تكون المصرية هوية قومية وأمة لكن القومية حقيقة وجودية على الأرض وهوية تاريخية للأقوام, فهل تمحى القومية العربية وتطمس هويتها التاريخية عن الأرض وشعوبها؟ هذا ما يتجلى الآن من الواقع العربي رسمياً وشعبياً حيث تغيب الحركة القومية, ويغيب بها الوعد القومي ببعث عربي جديد.