- عبدالرشيد الفقيه
المحظورات تحددها نصوص القانون ، وليس من حق أي مسؤول تنفيذي اختلاق محظورات وتدابير وإجراءات وقواعد سلوك وفق مزاجه الشخصي وقناعاته الخاصة ، بين أي سلطة تنفيذية وبين الناس نصوص القانون الذي يحدد المحظورات بدقة ، والسلطة المطلقة الغير ملتزمة بضوابط القانون مفسدة مطلقة بالضرورة .
منذ فترة تصدر تعميمات من عدة جهات في صنعاء موضوعها الأساسي النساء ومساحة تواجدهن وطريقة وحدود تواجدهن ، والعنوان الأبرز لهذا العبث هو ” منع الاختلاط ” في المقاهي والمطاعم إلى الجامعات والمؤسسات المختلفة .
وكل يوم تتوارد وقائع للمضايقات التي تطال الناس بعبث في غير مساحة عامة ، تارة في مطعم ، وتارة في مقهى ، وتارة في باحة جامعة ، وتارة في قاعة محاضرات ، وتارة في الشارع العام .
لا تستند معركة منع الاختلاط ومعها حزمة من الممارسات المتطرفة الماسة بحرية الناس وكرامتهم على أي أساس قانوني أو قيمي ، بل على أمزجة أشخاص تكفيريون للمجتمع والناس ، نصبوا أنفسهم لحراسة سلوك المجتمع وإيذاء الناس بالتعامل معهم كمتهمين في أخلاقهم وسلوكهم بناء على تصور خاص للأخلاق والسلوكيات اللائقة والغير لائقة ، وتفرغوا لارتجال تدابير وإجراءات غريبة ، في استنساخ لتجربة وممارسات وأفكار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة الفضيلة الوهابيتان .
التسلط على حياة الناس ومحاولة قولبتهم بلبس معين وسلوكيات معينة في الشارع والمطعم والمقهى والجامعة وفق أمزجة أفراد بإسم الدين والأخلاق والفضيلة والعادات سمة مشتركة بين الجماعات التكفيرية التي تنظر للناس في مجتمعاتها كصابئين ومارقين ومنحلين ومنحرفين بينما تنظر لنفسها كفرق ناجية وكأنقياء ومخلصين ورسل للصلاح المتوهم .
لكل فرد أو مجموعة الحق في اعتناق ما طاب من الأفكار بشأن المسلك الفردي ، وهذه الأفكار والقناعات ملزمة له كشخص فقط ، ولا يحق له كفرد أو للمجموعة فرض هذه التصورات على الغير تحت أي ظرف ، والملزم للجميع هو القانون فقط .
ومراراً كان فتح مثل هذه المعارك مجرد محاولات هروب عن غياب وجود مشروع حقيقي يلامس قضايا الناس وشواغلهم ، فإغلاق مقهى أو فرض شكل حلاقة معين وتقسيم الناس في قاعة محاضرة يمثل انتصار ومُنجز متوهم للإلهاء عن قضايا مهمة للناس مثل الصحة العامة والتعليم ومرتبات الناس وإصلاح الطرقات ومعالجة المظالم ورفع جودة وكفاءة الخدمات وإصلاح قطاع العدالة .
وفي مثل هذه المعارك العبثية يجد المتبطلين فرصة ثمينة للتسلط على الناس والمجتمع وابتزازهم في أسباب معيشتهم .
على سلطة الأمر الواقع في صنعاء وضع حد فوراً لهذا الأذى الذي يطال الناس ، ومراجعة القوانين اليمنية النافذة والزام كل من له سلطة على الناس بالقانون وعدم فرض تدابير وإجراءات بلا أي أساس قانوني .