- عبدالكريم الرازحي
في أول مرة ألتقيته قال لي :
يارازحي مارايك نتشارك أنا وأنت؟
ولأنني لأول مرة ألتقيه فقد أحسست بأنه يسخر مني لكن تبين لي فيما بعد أن الرجل لم يكن يسخر
ولا يعرف لغة السخرية..
في مرة أخرى عرض علي أن أرافقه وأذهب معه إلى روسيا لكني أعتذرت ربما لأنني كنت قد ذهبت إلى روسيا مرتين أو ربما لخوفي من تهم اليساريين والثوريين وغيرهم من الحاسدين..
إذ لو عرفوا بأني ذهبت مع شاهر عبد الحق إلى روسيا لأتهموني بأني السبب في سقوط النظام الاشتراكي أو لربما أتهموني بتهريب يهود يمنيين إلى إسرائيل عن طريق روسيا
قال لي الصديق مصطفى نعمان يومها بعد خروجنا من بيته في الحصبة وكنا معا :
-ليش ماتروحش معه وتقضي إجازة العيد في روسيا!
قلت له :ليش أروح أنا معه! ليش هو مايجيش معي !
قال مستغربا : أين يجي معك!
قلت :القرية وكنت فعلا قد قررت السفر للقرية لقضاء إجازة العيد.
مرة في مقيله بالحصبة وبمناسبة احتفالات شعبنا بثورة 26سبتمبر سمعته يقول :
-يكذب أي تاجر يقول بأنه بدأ تجارته من الصفر
كلنا بدأنا بقروض اخذناها من البنك اليمني للإنشاء والتعمير لكن بعضهم يرفض أن يعترف..
شاهر عبد الحق شخص في غاية الذكاء يعرف كيف يكسب ثروته وهو يكسب المال بنفس السهولة التي نتكلم بها لكن لايعني هذا أن المال يأتيه وهو مسترخي على كرسي.. شاهر حتى وهو جالس مع الناس في ديوان المقيل تراه مشغولا وعقله يشتغل..
وفي المرات القليلة التي حضرت فيها مقيله كنت ألاحظه يلقي على هذا أو ذاك من المنظّرين الحاضرين في ديوانه بالاسئله:
مارأي الدين في الموضوع الفلاني ؟
أو ماهو سبب الخلاف بين السنة والشيعة؟
أو يسأل عن سبب الخلاف بين السلطة والمعارضة ؟
وبين هذا الحزب أو ذاك ؟ وكنت أستغرب
المهم كان يمشع سؤال ويرجم به للوسط أو يوجهه لأحد من أولئك العتاولة الحزبيين والسياسيين في السلطة أو في المعارضة من الذين يترددون على مقيله
وعندها يتلقف هؤلاء سؤاله ويبدأ النقاش ويحمي الوطيس لكن شاهر يكون هناك بعيدا عن كل هؤلاء الحزبيين المنظرين والمزعجين والمتحدثين عن كرامات ومعجزات أحزابهم في السلطة او المعارضة .
بيده تلفونه ولاب توبه وعقله يشتغل مثل آلة حاسبة وهم منشغلون في الرد على سؤاله واستفساره.
كنت أحيانا أهمس في أذن الشخص القريب مني وأقول له :ياله من ذكي شاهر هذا !! أنظر إليه كيف شغلهم بسؤاله
وراح يتابع تطور أعماله في مختلف البلدان والقارات
ولكل من لايعرف شاهر عبد الحق.
الحق أقول :
شاهر عبد الحق رجل يمني بسيط من قريتي فيه بساطة القروي وعلى الرغم من كونه مواطنا عالميا العالم قريته وبيته طائرته يتنقل فيها من بلد إلى بلد إلا أنك عندما تجلس معه وتسمعه تشعر بأنك تصغي لشخص وصل للتو من القرية. لهجته هي نفس لهجة أهل قريتنا الأعبوس لم تتغير ولم تتبدل وكان وهو يتكلم يثير فيّ حنينا إلى قريتي ويذكرني بكلمات كنت قد نسيتها لكن أكثر مايثير انتباهك هو أنه ليس فيه ذلك الغرور والغطرسة التي قد تلحظها عند رجال المال والأعمال وغيرهما من رجال السلطة وبيته مفتوح تدخله من دون أن يستوقفك أحد ويقول لك : من أنت؟
إن أكثر مايحزنني وقد فارق الحياة هو أنه مات قبل أن أقول له شيئا من تلك المشاعر الطيبة التي أحملها له
فليسامحني