- رستم عبدالله
ها قد دهمنا العيد ال58 باكرا سبحان الله ما اقصر عمرك أيها الإنسان وما اسرع ماتمر السنين والأعوام وما أشبه الليلة بالبارحة لازلت اتذكر جيدا ليلة ال26من سبتمبر سنة1987م حينما احتفلنا باليوبيل الفضي لثورة ال26من سبتمبر كنت حينها فتى يافع تخطيت العقد الاول من عمري بعام ادرس في الصف الخامس الابتدائي وكانت المدرسة في ذاك الزمان تلهب بالاغاني الحماسية لأيوب طارش والمعطري والانسي وكان المدرسين أيامها من الأشقاء المصريين وقلة من اليمنيين وكان أساتذتنا المصريين الاجلاء يقصون علينا قصص عن الثورة اليمنية المباركة والامامة ومشاركة الجيش المصري في الثورة السبتمبرية، واتذكر أننا بدأنا باكرا بجمع علب( قصع) الصلصة والتونة التي كنا نضع في داخلها الرماد الممزوج بالجاز تنصاير للاحتفال بالعيد وكنا نذهب بعيداً لقيعان الوادي السحيق الموحش والمخيف بالقرية لجمع العلب الفارغة واطارات السيارات التي سنشعلها ليلة إيقاد الشعلة، واذكر نفسي وصديقي مجيب ونحن نسحب شوالا مليء بمختلف الأشكال من العلب الفارغة للتونة والصلصة والعصائر والجبن وزيت الزيتون والنارجيل وعلب الشاي الصيني وعلب الشمة وكنت اشعر بالفخر والاعتزاز انا ورفيقي ونشبه حالنا بتوم سوير وهالكبيري فن عندما عثرا على الكنز في كرتون الأطفال المأخوذ عن رائعة الأديب الأمريكي الساخر مارك توين قصة طفل أو (توم سوير) وكنا متأثران بهما ونحن نسحب الجونية التي اخذتها على امي خلسة وكانت تستخدم للحمط(بقايا السنبلة بعد تصفيتها من الحبوب)وكنا نشعر بالنشوة ونحن نتخيل كيف سنبهر وندهش أترابنا الذين ذهبو لجمع القصع من المخالف والأحوال ونحن الاوفر حظاً والاكثر ضجيجا بعلبنا الفارغة كعقولنا وسننال القسط الأكبر من الثناء والمدح من الشباب الكبار وكان يجب علينا اجتياز الصفاء الصخري المنحدر الذي يؤدي من الوادي للقرية واخذنا نجر الشوال المتخم بتلك العلب الفارغة بعناء وتعب وهات ياشقداف وطنطان طوال الصفاء المنحدر الصخري الصلد، و الحاج احمد كان يصرخ من اعلى سقف داره سكته ظجيتونا الله لا كتبه تناصير.
..ِ.تبقى يوم واحد لليلة العيد مرت كانها دهر لم استطع كبح تلك الفرحة الطفولية العارمة التي كانت تزغرد في صدري وتدفق اللهفة الممزوجة بالقلق وكنا و أطفال القرية نستعجل رحيلها كنا نتجمع من كل أصقاع القرية لنصعد جبل النخس ذاك الجبل الصغير المطل على القرية المشهور بجفانه الجميلة(عبارةعن تجاويف مغارات صخرية صغيرة بشقه تتسع لمابين أربعة لستة أشخاص) لنوقد التناصير ليشاهدها كل سكان القرية تعشيت باكر الساعة الخامس عصرا وكان بعض الاولاد الكبار قد صعد بالبطارية والتلفزيون الاسود وابيض لنشاهد حفل إيقاد الشعلة بميدان التحرير بصنعاء الذي كان يعرف قبل الثورة بميدان شرارة، إيذانا لنا بإيقاد شعلتنا وبدائنا بمزج الرماد والجاز وتعبئة القصع ورص كل حجم معين بصف على شكل دوائر الماء وفي الوسط يستقر التيوب والإطارات واستعنا بعصا طويلة بطرفها قطعة قماش مبللة بالجاز لايقاد الشعلة الأم وصغيراتها وكنت ارقص وأكاد أطير من الفرحة لحظة ايقاد الشعلةوزادت فرحتي عندما تم توزيع صور القائد الملهم وحصلت على صورة ضخمة له بالزي العسكري والاوسمة والنياشين تزين صدره والتي أرجو الله ان يغفرلي تلك الزلة والفرحة الطفولية الغير مقصودة خاصة اننا لصقت الصورة بماء وطحين فيما بعد فوق كرتون الكتب اغلي شيء كنت امتلكه حينها …….أنتهى.