- محمود ياسين
حتى الدموع
ما إن تبدئين في استثمارها تكف عن كونها دموعا
انت تثيرين احساسي بمجانية الحزن يا جيهان وباستثمار أنبل اللحظات وأكثرها إنسانية
تبكين في الفيديو وهذا هو الربح النهائي من عالم الوسائط وميديا استهلاك المشاعر والمفاتن وغلمة الوجع والرجال الوحيدين
كنت لائقة بهذا العالم الذي أمست أحزانه رقمية ، رجاله رقميون والأنوثة رقمية والحميمية رقائق سيليكون .
لا امرأة ترثي نفسها في الطريق العام هكذا وتطلب من قطعان وحيد القرن الدخول إليها في الخاص للمشورة .
أي رجل هذا الذي يدلق مشاعره في سوق محتشد بالرجال المنتظرين دورهم ؟؟!!!
، وهو يعرف أن عاطفته المتأججة في الطابور تنتظر دورها الذكوري الأخرق المبتذل في مواساة فتاة تعتقد نفسها أذكى من الجميع بينما هي في حقيقة الأمر مجرد إفصاح عن هزيمتنا الأخلاقية كمجتمع .
فتاة جديرة بالرثاء ، لا لأن أهلها حاصروها كما تدعي في حذاقتها وعرضها البائس في الفيديو ، ولكن لأنها ودون أن تدري قد وضعت أنوثتها هدفا لكل الضواري البائسة متوهمة انها لن تتضرر في النهاية .
لست كاتبة ولا صحفية ولا زميلة عمل أو حلم يا جيهان ، وما كنت لأتحدث اليك بحال هنا ، فقط من كونك كارثة عملية نشأت على عاتق عالم افتراضي ، ظاهرة رقمية وإفصاح عن مآلات الوحدة والوهم وعن : كيف انتهت أمجاد الأنوثة للتسويق ، التسويق بالضحكات والعذوبة المفتعلة وبالحزن والبكاء المفتعل أيضا ، ذكرت اسمك أنا شخصيا من كونك حالة لا أكثر ، ومن صوت القروي المتبقي في روحي وهو يزمجر في أذنك : اتلفلفي عيب .
أنت صدفة رقمية حظها عاثر ولا تدري كيف أن العالم الافتراضي سيجردها من أي حس واقعي بالأنوثة والأمومة واحترام الذات .
اعيدي وضع الوشاح ولفيه حول عنقك وأبكي بصمت ، فلربما تجدين إنسانيتك بعيدا عن قطيع الثيران الغبية .
لست وحدك : كلنا رقميون آخر المطاف ، لكننا بلا مفاتن ولا دموع .