- إبراهيم الغزالي
الكتابة عنك شيء أخر، شيئاً ممزوج بين الفرح والحزن، بين الخيال والحقيقة، شيئاً أخر، نادراً للغاية، سيدي إن من الصعب أن أكتب عنك، ومن السهل ايضاً الوصول اليك، والتصفح عنك بكل لغات العالم. قلما ما تجد شخصاً لا يوازي نصاً، ولا حرفاً يليق به، معجزاً كحرف الضاد باللغة العربية، ونادراً كلغة “ليميرج” التي لم تتعدى الشخصين حول العالم، عجيباً أنت، كالأعجوبة الثامنة، كالسحر الذي أتاه الرب لموسى، وكالحلم ايضا !!
أما كانت تحوم الشكوك حول قانون الجاذبية؟! أما كُنْتُ ممن يكره الفيزياء، والرياضيات، و الكيمياء ايضاً. ربما لإعتيادي العادي على تقبل ما هو أصعب. لقد كانت تلك المعادلات تشكل في مخيلتي طلاسم، لربما أعمال من السحر الغير المشروع، فَتىً مثلي لا يفقه سوا إعداد الزي المدرسي والذهاب الى المدرسة. أتيت أنت قلبت الصعب شيءً ممتعا، وكنت وحدك، معادلة توازي كافة المعادلات، كيفما شئت جعلت الصعب سهلا، لا أخفيك سراً بأن الجاذبية أقرب ما تكون إلى قدميك، شرح مبسط كتجربة علمية وعملية، تعلمتها. لقد أحتسيت المعادلات الرياضية، بالفرضيات التي فككتها، بدت لي شيء سهل ومبسط للغاية، سعيد جداً لفتىً مثلي، وفي هذا التاريخ صادفك فجأة، في التاسعة من عمره .
فجأة، كغير العادة، إنطفأت شعلة منافسات الأولمبياد، في هافانا، كوبا، بدا الأمر غريباً، في 1987 ميلادي، 24 حزيران، معها سجلت مدينة روساريو في الضاحية الجنوبية، بالأرجنتين، ميلاد فَتىً مذهل، لم تكمل بعد أمه شهرها التاسع !!
فَتىً غير مجرى التاريخ، غير مفاهيم كرة القدم، غير الكثير عنها، حتى صديقي حسن تأثر كثيراً، تعلم جيداً كيف يراوغ، بالأمس ووقت الإستراحة، التقط السندويش من يدي بطريقة سريعة، ورماه حيث لا أراه !!
لكني لم أكن أعير لحسن أي إهتمام، برغم أنه يقشط حين يراه، هكذا قال لي أقشط ” أحب” حين أرى الكرة على أقدام هذا ؟!
لقد عاش الفتى المذهل قصة نجاح من الصعب سردها، حيث كان يعاني من خلل هرموني، ينمو ببطئ، بضعف تنمو أعضاءه، لا تتوافق بنيته الجسمانية مع عمره، حتى لم تستطع أسرته على تحمل نفقات العلاج، ولا يسطع الخروج من المنزل مع أصدقائه، لم تتوقع الطبيبات بأنه مستقبلا سيصبح رمزاً للطاقة المتجددة، وإنّ من الصعب ايقافه. هذا شيء غير متوقع بتاتا ! هكذا أحدى الطبيبات أخبرت والدته بأنه بحاجة الى معجزة .. لم تكن تعلم بأن لاشيء يعجزه !!
فبعض الأعمال الخيرية تأتيك بالفرح من حيث لا تدري، تَكفل نادي برشلونة FC Barcelona الأسباني على دفع نفقات العلاج، والتكفل طبياً بصحة ميسي، بحكم أن مشروع النادي، آن ذاك، يهتم بالطفولة، وايضا منظمة اليونيسف للطفولة وقعت عقدا مع النادي في بداية الألفية كهتماماً منها بهذا الجانب .
في سن 13 انتقل لاعب كرة القدم ليونيل ميسي إلى إسبانيا، بعد أن أصبح ميسي نجمًا في بلده الجديد، حيث قاد نادي برشلونة إلى البطولات. في 1 أيار/ مايو عام 2005 وضع ميسي نفسه في سجل الأرقام القياسية، كأصغر لاعبٍ في التاريخ يقوم بتسجيل هدف مميز برفقة مجموعة من كبار محترفي كرة القدم. في العام نفسه قاد ميسي الأرجنتين للحصول على لقب كأس العالم للشباب تحت سن 20 مسجلًا هدفين من خلال زوجٍ من ركلات الجزاء ليتغلب بها فريقه على فريق نيجيريا.
لقد توج اليونيل ميسي، بالعديد من البطولات، منها بطلًا للدوري الإسباني برفقة البارسا، 8 مرات، حصل على لقب أبطال أوروبا 4 مرات، في عدة مناسبات، أعوام 2006-2009-201 -2015.
حاز على 30 بطولة برفقة الفريق الكاتالوني، منها 5 ألقاب في كأس الملك و7 ألقاب في كأس السوبر، حاز على الكرة الذهبية ولقب أفضل لاعبي العالم 5 مرات، وهو رقم قياسي كبير. وحصوله على لقب الهداف التاريخي للنادي برصيد 523 هدفًا، وهو رقم قابل للكسر مع كل مباراة يخوضها.
تمكن برفقة الأرجنتين من الفوز بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية الصيفية، والحصول على كاس العالم للشباب2015، ووصيفاً في كاس العالم لمرة واحدة 2014،
ووصيفاً لكوبا أمريكا لثلاث مرات : 2007، 2015، 2016 م.
يعتبر حالياً أغلى لاعباً في العالم، أفضلهم دون منافس، كالزئبق لا يستطيع السيطرة عليه أحد، بل لم تمنعه ركلات المدافعين عن مواصلة المراوغة والتسديد، حقق ما لم يحققه أحد بكرة القدم؛ بقى فقط التتويج بكاس العالم !! لتكن خاتمة إن حققها كأفضل لاعب .
فعلاً لقد كان قاسياً بعض الشيء، لقد أزاح رونالدينيو عن عرشه، عن سحره. لقد تذوق الفوز، وأذاق الفرق الأخرى الهزيمة. “لا يوجد حل لإيقافه! هل هذا بشر؟ لسان حال معظم من كانوا خصماً له .
أشاد فيه معظم مدربي العالم، وشرح لنا في إحدى المرات بيب جوارديولا ما الذي يميز ليونيل ويجعله لاعباً خارقاً بالقول “تشاهد ميسي يحرك رأسه يميناً ويساراً بسرعة كبيرة، هو لا يكون مشتت حينها، لكنه يحاول استخدام حاسة الشم لكي يميز أي مدافع هو الأضعف بين الرباعي في الخلف”. بينما يصف ميسي آرسين فينجر : ميسي لاعب بلاي ستيشن هو وحده الذي يجعل المستحيل ممكنا . لقب عدة القاب منها كوكب أخر، البرغوث، الفضائي.
أخيراً يؤلمني أن يأتي اليوم الذي أستمع فيه نباء الرحيل، قد أتى، لكن بغير ميعاد، ميسي يريد الرحيل عن نادي برشلونة ؟! أكثر من خمسة مليون تغريده، على تويتر، تتحدث بذلك، صاعقة، شلت معظم جماهير الكتلان، بل العالم، من الصعب تصديق ذلك، يرحل من يرحل ؟! حتى يوم أن عجل ماركيز بالرحيل، قائلاً ” فلنعجل بالرحيل .. فما من أحد يحبنا هنا ! .
لكن عنك ياليونيل ؟! كلنا نحبك، إنك مرتبطاً ببرشلونة، بالتاريخ، بكرة القدم، حتى اليوم صديقي حسن أعتذر مني، اصطحبني على مأدبة الغداء وقال لي هل بالفعل سيغادر ميسي؟! ظهرت أمامه كما لو أني مدير أعمالك، وأنا بالحقيقة أحببتك منذ التاسعة من عمري دون مقابل.
لا تكن قاسياً، تريث قليلاً، لتعلم بأن هزال البايرن لا يغيضنا، وبأن الهزيمة تحصل حاصل، لاقلق، أعلم بأنك ستعاود الكرة عليهم وتمددهم بهزيمة كبرى .. قم يا سيدي، انهض مجدداً كاس العالم بانتظارك، ويبقى البرشا دارك الأول، والعار كل العار على الارجنتين إن لم تقم معك، وتهديك أفضل لاعب مر على وجه التاريخ … كن بخير يا اليونيل يا أفضل من لمس كرة القدم .