- عبدالباري طاهر
ليست مشكلة تهامة التمثيل هنا أو هناك. قضية تهامة الآن وربما في المستقبل المنظور رفع المظالم بكثرتها الكاثرة. صحيح أن تهامة في المتوكلية اليمنية والجمهورية إلى حد ما حرمت من المشاركة، وغيبت تغييباً شبه نهائي، ولكن قضيتها الآن رفع المظالم عن كاهل المزارعين المعطلة مصالحهم، والمنهوبة أراضيهم، والعاملون كأقنان، والحد من سيطرة النافذين على السدود التحويلية، ومن عرضوا أجزاء واسعة للتصحر، فالمزارعون لم يتم مساعدتهم أو تزويدهم بالبذور أو السماد، ومورست ضدهم سياسات الجباية الجائرة، وعانوا من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، والمظلمة الكبرى التي يعاني منها أبناء تهامة هي الحرب؛ فهذه الحرب عطلت الزراعة، وأوجدت إدارة فاسدة في مختلف المرافق لا وظيفة لها غير التنكيل بالمواطنين، وانتزاع لقمة الخبز الكفاف من أفواههم. وتبقى الحرب أم الجرائم كلها. فالحرب كارثة على اليمن- كل اليمن، ولكنها في تهامة كارثة الكوارث؛ فهذه المنطقة التي تعتمد كلياً على الاصطياد والزراعة والموانئ، ويعيش الملايين منها- يجدون أنفسهم محرومين من الاصطياد بسبب الحرب في الساحل، والقصف الجوي الذي قتل العشرات والمئات من الصيادين، وأغرق مئات القوارب. كما أن الزراعة متعثرة بسبب القتال في الجبهات الممتدة، أو بسبب رفع كلفة المشتقات النفطية، أو انعدام الأيدي العاملة المنخرطة في الحرب أو أن الموانئ والمرافئ المنتشرة من المخا والحديدة وحتى ميدي محاصرة من قوى العدوان، ولا يسمح بالوصول بالبضائع إليها باستثناء البواخر التابعة للمنظمات الأممية.
هناك مناطق تعيش في الحرب، وتستفيد منها، وهي ملائمة للحرب وبيئة منيعة، وتمتلك خبرة مذهلة ومتوارثة في الحروب، يتربى عليها الصغير قبل الكبير، وغالباً ما تكون للحروب عوائدها وفوائدها، أما منطقة تهامة، فقد نسيت الحروب منذ ما يقرب من مئة عام، وهي أرض سهلة، وأهلها مزارعون أو صيادون أو حرفيون وباعة وتجار مدنيون مسالمون تمثل الحرب عليهم وفي مناطقهم كارثة كبيرة عطلت وتعطل مصالحهم ومصادر حياتهم.
الزعماء الروحيون والمشايخ هم أهل سمع وطاعة بالمعنى الإيجابي والسلبي؛ لاعتبارات أهمها: الاعتقادات الدينية؛ فمطلب أبناء تهامة وقف الحرب؛ فالقتلى في تهامة من الأوبئة الفتاكة كالكوليرا وحمى الضنك والتيفود والملاريا وأخيراً الكورونا أكثر من قتلى الحروب، وقتلى المجاعة والسيول لا يقلون عن قتلى الحروب.
إن المواطنة في تهامة تعني دفع الواجبات ولا حقوق. وقف الحرب الأهلية والإقليمية والدولية، ورفع الحصار الشامل ومعالجة الباخرة صافر التي تهدد الحياة البرية والبحرية ولعقود عديدة مطلب عادل، كما يجب رفع مظالم الإدارة الفاسدة والمستبدة والمطالبة بالأقلمة أو الإدارة أو الحكم الذاتي والمشاركة في مختلف السلطات كحقوق مواطنة، ولكن ذلك كله يكون بعد وقف الحرب، وكفالة مواطنة الحقوق والواجبات.