- ماجد ِزايد
في مثل هذا اليوم، وهذا الوقت من العام الماضي توفي أخي رضوان!! عام كامل وما زالت روحه بيننا لم تغب أو تغادر، إبتسامته المسائية حاضرة دائمًا، أسمه يتكرر كل يوم على لساني; رضوان أخبروا رضوان ليفعل ذلك، وما زالت طرَقاته على الباب تتكرر عند الغروب، هو لم يغادر حقًا، ما زال هنا يقلب تلفونه ويستمع الى الإذاعة وعلى سفرة الطعام يجلس بجواري وهو يقول لي إبتعد أيها الجاوع.
في عرسي بحثت عنه كثيرًا، لم يكن حاضرًا، عندها فقط أدركت الحقيقة، لم تكن الفرحة قد إكتملت على ملامحي، شيء ما كان مفقود، شعر الأصدقاء به لكنهم لا يعلمون ماذا بداخلي..
كيف لمثل هذه الذكرى أن تكون عابرة في حياتي يا رضوان؟! كيف ذلك؟!
كنا سويًا نجوب الشوارع الفارغة الاّ من ضجيج ضحكاتنا، كنا نواسي أنفسنا عن بقايا اليأس العالق في حياتنا، كنا نسير بسرعة الموت، لا نأبه لشيء، يكفي أننا معًا، واليوم عليّ طيّ صفحة الماضي! كيف لي ذلك! هل أستطيع في الحقيقة؟!
كيف لي طيّ صفحات الذاكرة المنقوشة في القلب؟!
هل يستطيع أحد منكم طيّ صفحة أخيه؟!
لا أعتقد ذلك لو كان في مكاني.
إلى رضوان في ذكراه الأولى:
كيف حالك يا أخي بعد عام..
كيف حالك اليوم في العالم الأخر.. إنها ذكراك الأولى يا صديقي القديم.
لقد إشتقت إليك كثيرًا يا أخي..!!
إشتاق إليك كل شيء هنا..
تدري..
هذه المدينة لم تعد كما تركتها، تغير فيها كل شيء،
تدري يا أخي.. في هذه المدينة تبدل الوجود وأصبح فخًا إبديًا وقع فيه الجميع دون خلاص، الحياة هنا لم تعد كما كانت عليه، الجميع يراقبون الجميع ويتهمون الجميع، لم يعد هنا أي حيز لحميمية الطيبين التي عشناها معًا، لقد تناسى الناس كل شيء جميل، الحرية أصبحت عادةً قديمة عديمة القدرة تمامًا..
سامحتي يا أخي عن هرائي السخيف هذا..
أتعرف يا رضوان، حبي لك أكبر مني ومن مجرد الكلام والهذيان، شوقي إليك يتزايد كل يوم بينما أتخيل ضحكاتنا القديمة، حياتنا معًا، بينما أتذكرك كل يوم..
لا اظن انني استطيع الهروب منك اكثر، لقد رحلت، الان ادركت ذلك، طيفك الجميل يرافقني أينما ذهبت، لقد إستسلمت للغياب وجئت لأعتذر إليك عن محاولاتي للهروب منك، عن تجاهلك من حياتي، أنا يا أخي خائف من خيالاتك، لا استطع المقاومة، لقد أصبحت جبانًا خائفًا، تائهًا يبكي أخاه في الطرقات، يا اخي يا اخي، كيف حالك اليوم ، هل ما زلت تذكرني..
أخيرًا أتمنى أن أحضر لك أجمل الهدايا لعيد ميلادك القريب مع قبلة قد تُعبر ولو قليلاً عن شوق الزمان الذي بداخلي.
إياك أن تعود..
إشتاق إليك كل يوم يا أخي..
الرحمة لروحك ولذكرياتك ولقلبي الموجوع يا رضوان.
روحك لن تنطفئ
ورضوان روحنا للأبد
الرحمة والخلود لك يا رضوان
ما نسيتك حقًا، وكل يوم أقرأ رسالتك اليّ، تلك التي كتبتها ذات يوم الى أخيك علبعيز ثم أنصرفت بعدها في حال سبيلك، كتبتها اليّ في أسوأ لحضات حياتي، كتبت كل شيء لشقيقك التائه المهزوم، كأنما كتبت وصيتك الأخيرة اليه ثم غادرت للأبد.
وحياة روحك يا رضوان ما زال الحلم ينبض بداخلي، ومازالت الأمنيات في قلبي تتكاثر كل يوم.
عليك السلام، عليك السلام.
رحمة الله عليك يا رضوان، يا أخي الصغير.. رحمة الله على إبتسامتك وقوتك وصبرك وحياتك الإستثنائية.. يكفيني صبراً إبتسامتك ونور وجهك ونحن نحملك الى مثواك الأخير ذلك اليوم، إبتسامة تقول لنا فيها أنك بخير ، لقد إنتصرت على المرض، وعلى الموت ولقد نجوت.
ستبقى يا أخي في قلبي وذاكرتي، وسأعيش مخلداً ذكراك الى الأبد..
بالرحمة والخلود يا رضوان.