- يحيى الحمادي
وَالِدِي كان لَيلَتها شارِدًا..
واحتراقي على جَمرِهِ بارِدُ
والظَّلامُ زَوَايَاهُ حاقِدَةٌ كُلُّها
والأسَى حاقِدُ..
والسَّرابُ لِجُدرانِهِ طارِدُ
وأَبي قائمٌ قاعِدُ..
كَعكَةُ “الرَّاديو” لَم تَدُر بَعدُ في كَفِّهِ
وهوَ عَن أَمرِها شارِدُ
كُنتُ لَمَّا أَزَلْ حَدَثَا
غَيرَ وَاعٍ لِمَا حَدَثَا
فَجأَةً..
قامَ عن نَفسِهِ
واستَوَى جالِسًا..
دارَتِ الكَعكَةُ الآنَ في يَدِهِ..
مَوجَةً مَوجَةً بَحَثَا..
ثُمَّ دارَ الزَّمانُ
المَكَانُ
المَساءُ
السَّماءُ
ودَارَ على نَفسِهِ الوَالِدُ
..
كُنتُ لَمَّا أَزَلْ حَدَثَا
غَيرَ وَاعٍ لِمَا حَدَثَا
غَيرَ أَنّي تَسَاءَلتُ:
ما ذا الذي هَزَّ قَلبَ أَبي
حِينَ لامَسَهُ النَّبَأُ الوارِدُ؟!
وَالِدِي لَم يَكُن تاجرًا..
لَم يَكُن قَطُّ مُكتَرِثًا بالسّياسةِ
أَو بالصِّرَاعِ إذا اكتَرَثَا
كُلُّ ما كانَ يُبهِجُهُ لَيسَ إِلَّا
إِذا حَصَدَ القَمحَ..
أَو حَرَثَا..
ما الذي شَدَّهُ مِن ذِرَاعَيهِ فانبَعَثَا؟!
..
كُنتُ لَمَّا أَزَلْ حَدَثَا
غَيرَ وَاعٍ لِمَا حَدَثَا
لَم أَزَل أَتَذَكَّرُ دَهشَتَهُ..
شَهقَةَ الحَاجِبَينِ.. وماءَهُما.. كَفَّهُ..
وهو نَحوِي يُشِيرُ بها
كَي أُصَمِّتَ صَمتِيَ ..
كي يُكمِلَ الخَبَرَ السَّارِدُ..
وَالِدِي لَم يَكُن وَحدَهُ فَرِحًا حِينَها
كُلُّ أَبوَابِ قَريَتِنَا والنَّوَافِذُ والنَّاسُ كانوا أَبي
حِينَ قالَ المُذِيعُ: (هُنا اليَمَنُ الوَاحِدُ)
.
.