- ضياف البراق
إلى أمي الوحيدة
تلك التي تطِلُّ عليّ، أحيانًا،
كالدهشة الخطيرة،
كشفرة السكّين الحادّة، الغادرة،
كالجرح الكبير من وراء مِرآة صغيرة..
تطل وتختفي في آن.
إلى أبي الوحيد من جميع الجهات والأشياء..
الوحيد كغيابه هو،
أو كشتاءِ عُمري الساقط من حساب المطر.
إلى بلادي الوحيدة أمام العاصفة،
الوحيدة إلا من الإرهاب،
الإرهاب الذي يقطع مجرى دمي كل ليل، وأنفاسي كل صباح.
إلى كل العالقين بأنياب هذه الحرب الشرسة، الطويلة جدًّا،
إليّ أيضًا..
لا تيأسوا من صبركم الجميل،
سأحبكم دائمًا
في الصحراء
في الجحيم
في الفكرة البعيدة
في أيّ وقت..
وأغنّيكم واحدًا واحدًا
بلحنٍ جديدٍ
على قارعة الصمت القاتل
وأمامَ كلِّ جدار يوشك أن يسقط
وفوق كل مستحيل
وتحت كل قذيفة..
وأمسح بأحزاني، بُقَعَ الأملِ الزائف من وجوهكم المُغطّى بالشحوب.
تلك أحلامكم الضائعة
وهذه دموعكم التي لا تنضب،
لا تخرجوا منها
تشبَّثوا بها،
أو بجناحي المكسور،
لربما نعبر النهرَ مرتين،
أو نلتقي فجأةً.
أيها الِعزَاز عليَّ،
كجرحي المفتوح،
ابتعدوا قليلًا عن أرقي المضطرب
أو انفتحِوا على يأسي؛
ليغسلَكم بماء الأمل المُركَّز،
وينتشلكم دفعةً واحدة من وحْلِ كآبتي اللعينة.
هكذا أشتاق إليكم،
أموت،
انهضوا من قبوركم الكاذبة،
احتشدوا بأي شكل،
انتفضوا..
تعالوا ولو ثانيةً واحدة إلى وجه الحياة.
أيها الغائبون،
سأحبكم كثيرًا،
وأحمل صخرتكم الكبيرة، دائمًا،
على ظهري المُنهَك،
نَعم، قد أنحني مرارًا..
لكني لن أنساكم.