- كتب: ضياف البراق
أسوأ شيء فعله كورونا أنه جعل حتى الأغبياء يتحدّثون حوله باستمرار، بل ويقدّمون إرشادات طبية متخلِّفة ومقرفة بلا حدود، لأي شخص عابر من أمامهم، بهدف إصابته بالفيروس، رغم انعدامه عندنا حتى الآن!
والأغبياء عادةً لا يتحدثون حول مواضيع مهمة، وإن سمعتهم ذات مرة، أو نادرًا، متحدثين حول أي موضوع مهم أو أقرب إليه، فذلك إمّا من باب الهروب منه أو الصدفة أو التسلية، ولكنك لن تجد حتى هنا في كل حديثهم عنه.. لن تجد فيه أي معنى أو عبارة صحيحة أو إشارة صغيرة تثيرك شرط ألا تصيبك بالغثيان الحاد، لهذا أنا الآن صرتُ أخشى على كورونا اللعين من دوران ألسنة الأغبياء حوله، فبالتأكيد كلامهم العبثي يُفسِد حتى الفيروسات. أيضًا، أخشى أن تقوم نصائحهم الوقائية بدور الفيروس، قبل دخوله، فتقتل في حارتنا عددًا لا بأس به من الناس المغفّلين، أو الأبرياء، وأما أنا فلا تخافوا عليّ من وباء غبائهم، لأني من زمان ودائمًا أركله بعيدًا عنّي.. بكلتا قدمي طبعًا. آه، كم حاولتُ تغيير بعض هؤلاء الأغبياء إلى الأفضل، لكني فشلتُ مليون مرة، بل إني صرتُ غبيًا مثلهم!
عندما لم يكن الفيروس قد بلغ انتشاره في دول غربية كثيرة، كان هؤلاء الأغبياء لا يعلمون عنه شيئًا، وإنما علموا به مؤخرًا.. بل بالأصح عندما قيل لهم إنه صار على خطوة قريبة منهم، وإنه إذا أصابهم فجأةً فلن يرحمهم أبدًا حتى موتهم!
كنتُ، اليوم، كالعادة لسوء حظي، بين مجموعة من الأغبياء يتحدثون عن كورونا بشيء من التفصيل التكراري الباعث للتقيؤ والصَّمم في آن، مستعملين كلمات بائسة من قاموس المؤامرة، وقد أجرم أحدهم في حقي عند اقترابه مني لينصحني بأخذ الحذر اللازم من الفيروس، وارتداء الكمامة، مُسدِّدًا لساعته عطستين كريهتين مرعبتين نحو وجهي، فكدتُ أصفعه فورًا لولا أني شعرتُ سريعًا بذرة خجل رادعة، ثم إن هذا الغبي نفسه لم يكن أصلًا يرتدي كمامة أو ما يقوم بدورها، ولا حتى كان يحمل أي احتياط وقائي في جيبه. آه، عليهم اللعنة لقد أحرموني حتى من متعة الحديث حول الفيروس. وأخطر جدًّا من هذا الفيروس، حديث الغبي عنه. والغبي إذا تحدث للناس عن أي خطر غير مُحتمَل، أو شبه عادي، سرعان ما يتحول إلى خطر حقيقي أو إلى أسوأ من هذا الأخير!