- كتب : مبارك اليوسفي
بعد انتهاء مرحلة الثانوية العامة في اليمن كما غيرها من بلدان العالم يظل حلم الطالب مواصلة تعليمه الجامعي وقد يستمر الحلم إلى الدراسات العليا، وفي هذا المجال توفر كثير من الدول الأجواء المناسبة والمعايير العلمية المواكبة للعصر من أجل بناء قدرات طلابها، لكن الحال في اليمن مختلف تمامًا، حيث يتحول الحلم إلى معاناة فيعاني الطالب اليمني مرارة وقسوة حلمه لاسيما الطلاب المبتعثين.
فبحسب إحصائية المنسقة الإعلامية لرابطة الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج فإن عدد الطلاب اليمنيين المبتعثين 9 ألاف طالباً وطالبة موزعين على أكثر من ٣٨ بلدًا حول العالم، ويعاني الطلاب المبتعثين من تأخير مستحقاتهم وسوء معاملة الجهات المعنية لهم.
تأخير المستحقات
يقول “عاصم علي” وهو طالب يمني مبتعث في مصر، إن حالة الطلاب حرجة للغاية، وإن معظم مشاكل الطلاب المبتعثين تكمن وراء تأخر مستحقاتهم، ويضيف إن تأخر المستحقات سببت الكثير من الإشكاليات لدى الطلاب منها فصل بعضهم من الجامعات المبتعثين إليها بسبب عدم تسديد رسومها، ويوضح أن الكثير من الطلاب لجأوا للعمل لسد حاجاتهم بدلا من الدراسة.
وتبلغ إجمالي مستحقات الطلاب حوالي 13 مليون دولار للربع الواحد وبإجمالي 52 مليون دولار في السنة بحسب تقديرات وزارة التعليم العالي.
وتؤكد الهيئة التأسيسية لاتحاد طلاب اليمن في الخارج، أنه حتى الآن لم يتم صرف سوى الربع الأولى للعام 2019، فيما المفترض أن الربع الثاني قد صُرف وكذلك الثالث، وتوضح الهيئة بأنه لم يتم صرف مستحقات بعض الطلاب للأعوام السابقة 2018 2017.
احتجاجات لم تثمر
في تموز يوليو من العام 2017 دعت الهيئة التأسيسية لاتحاد الطلاب اليمنيين في الخارج إلى البدء باحتجاجات واسعة، وبحسب البيان الصادر عن الهيئة فإن الاحتجاجات ستكون مفتوحة حتى صرف مستحقات الطلاب وتحسين علاقة الطلاب بالجهات المسؤولة، وأشار البيان حينها البيان إلى أن الطلاب قد بدأوا اعتصامهم في مصر والمغرب والسودان وباكستان والمجر.
ويقول فؤاد النهمي رئيس اتحاد الطلاب اليمنيين في المغرب ” إن الطلاب في المغرب كانوا قد بدأوا احتجاجاتهم قبل أي طلاب آخرين، ويؤكد أن الاحتجاجات لا تزال حتى اليوم، ويضيف بأن حالة الطلاب اليمنيين تزداد سوءً يوما بعد آخر “.
ورغم مرور أكثر من عامين إلا أن الطلاب لا يزالون يحتجون بين الفينة والأخرى، وتطورت تلك الاحتجاجات إلى اعتصامات متواصلة كان آخرها في ماليزيا وتركيا في شهر يوليو 2019 م
ويؤكد محمد حمزة رئيس اتحاد الطلاب اليمنيين في تركيا أن الاعتصامات لا تزال قائمة في مقر السفارة اليمنية في أنقرة حتى أواخر يوليو2019.م، مضيفاً أنه قد تم إبلاغ الشرطة أكثر من مرة بأن الطلاب يعانون من سوء معاملة السفارة هناك والجهات الأمنية التركية التي تقف بجانب السفارة.
وشدد الطلاب المحتجين على ضرورة إيجاد آلية لصرف المستحقات بشكل مستمر يضمن صرفها في موعدها المحدد.
منح لغير مستحقيها
وتشير الهيئة التأسيسية لاتحاد طلاب اليمن في الخارج في معظم بياناتها إلى ضرورة التحقيق في التلاعب الحاصل من قبل السفارات في منح التبادل الثقافي، حيث أوضحت في أحد بياناتها أنه يتم توزيع المنح للمقربين بعيدًا عن أي معايير شفافة وواضحة.
وهذا ما أكده فؤاد النهمي، حيث يقول: ” أن هناك الكثير من الطلاب في المغرب يدرسون بمعدلات بسيطة فترى أحدهم جاء ليدرس الطب وبعد عام تحول قانون والآخر يدرس تجاره تم يحول هندسة، وهم بعيدون عن الكفاءة العلمية التي يجب أن تمنح المنحة على أساسها، ويضيف أن سلطة أبناء المسؤولين أو الوزراء من الطلاب هي الأكثر لذا تجد العجب عندهم.
ويعلق عاصم علي على هذا الموضوع، قائلاً إن الطلاب المستحقين للمنح باتوا في الشوارع بسبب تأخر مستحقاتهم والطلاب غير المستحقين والذين دخلوا بفعل الوساطات هم الذين يدرسوا.
وفي حين توفر الكثير من الدول مستحقات لطلابها من أجل التفرغ للعلم، يتفرغ الطلاب اليمنين إما للاعتصامات أو البحث عن مستحقاتهم، أو قد يكون ضحية في الشارع نتيجة استبداله بآخر يكون له سلطة.
الهروب إلى الانتحار
ويزداد الوضع قتامة في ظل بقاء مشكلة تأخر المستحقات، وجراء قتامة هذا الوضع حيث أقدم الطالب اليمني في جامعة “آبت” الماليزية إبراهيم صلاح العيسائي على الانتحار في فبراير 2017، برمي نفسه من الدور ال 20 من شرفة الشقة التي يسكنها مع زملائه نتيجة الظروف المادية الصعبة التي يمر بها.
وتعد حادثة الانتحار هذه الثانية في ماليزيا، فقد نشر طلاب ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لأحد الطلاب ويدعى هزاع الرداعي، ويقال إنه انتحر في منتصف يونيو 2016 برمي نفسه من الدور العاشر في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
ويقول يونس محمد وهو طالب يمني في الهند إن الطالب محمد عثمان المقيم في مدينة حيدر اباد الهندية أقدم على شنق نفسه نتيجة التعامل السيء من قبل السفارة اليمنية معه، وكان اتحاد الطلاب اليمنيين في الخارج قد حمل السفارة المسؤولية الكاملة لذلك.
ويوضح الاتحاد أن هناك الكثير من حالات الانتحار أواسط الطلاب اليمنيين المبتعثين في الكثير من الدول مسجلة في بيانات الاتحاد وإن هناك طالبين آخرين كانا قد انتحرا في الجزائر وآخر في ألمانيا والهند وباكستان.
ترى الى متى سيظل الطلاب اليمنيين وخاصة المبتعثين يعانون من انقطاع مرتباتهم، وتدهور أوضاعهم الإنسانية والعلمية ومن سيوقف السفارات اليمنية في الخارج عن العبث بمصير الاجيال الحالية والقادمة …؟ إإ