- عبدالملك الحاج
وصل المغبش الى الراهدة وبصحبته سبعه مسلحين من ثوار الجنوب قادمين من لحج عبر طرق فرعية وعند وصولهم الى الراهدة كان ابناء المناطق المحيطة بها يتجمعون الى اماكن متفرقة بالمدينة، فقد كانت المنطقة تشهد في ذلك اليوم توتر كبير بسبب قدوم قوة عسكرية من صنعاء لاقتحام الراهدة وما حولها بحجة إنها التمرد.
سخط شعبي واسع في اوساط الاهالي القادمين من مناطقهم وعلى اكتافهم اسلحتهم الشخصية استعداداََ لمواجهة الحمله العسكرية القادمة لشن الحرب على محافظة الراهدة ومناطقها دون وجود سبب منطقي يستدعي لهذه الحرب، روايات مختلفة يرددها الاهالي حول الاسباب التي دفعت بالمسئولين في صنعاء بإرسال هذه الحملة.
يلتقي المغبش بـ ” دوبح ” احد سائقي بوابير “العنتر” ثم يذهب لاحضار رفاقه من مقهاية ” عبدان ” الى المكان الذي تتواجد به الشاحنة، جميعهم صعدوا الى الموتر بما فيهم المغبش،
تحرك دوبح بالشاحنة التي كانت تحمل بضاعة تابعة لاحد التجار في تعز باتجاه طريق “ورزان” وعند وصوله الى منطقة الحوبان تم توقيفه هناك من قبل الجنود التابعين للحملة العسكرية القادمة من صنعاء والتي خيمت هناك لبعض الوقت استعداداََ للهجوم على الراهدة.
صعد احد العساكر الى الشاحنة مطالبا المغبش ورفاقه بالنزول وتسليم الاسلحة على الفور، اخبرهم المغبش بانهم تابعين لمحافظ لواء تعز وبالامكان التواصل مع المحافظة للتأكد من صحة ما يقوله الا ان العساكر رفضوا التفاهم نهائيا وقاموا بشحن بنادقهم وتوجيهها الى المجموعة، بعد هذا التصرف الذي بدر من قبل العسكر وافق المغبش موافقة تكتيكية على تسليم الاسلحة هو وبقية افراد المجموعة وذلك بعد قيام دوبح بركن الشاحنة في احد الاماكن الخالية من السيارات.
ادرك قائد المجموعة بان الهدف هو تجريدهم من اسلحتهم الشخصية، بل وقد تصل الامور الى ما هو ابعد من ذلك فلم يكن امامهم حل اخر سوى ارباك النقطة العسكرية المستحدثة والانسحاب بين الاشجار الكثيفة باتجاه المدينة، اعطى اشارة الى رفاقه بالاستعداد وبطريقة سريعة قام برمي احدى القنابل الصوتية الى امام العساكر بينما قام الاخر برمي قنبله دخانية ليتمكنوا من الانسحاب الى مكان آمن، وبالفعل استطاعوا الابتعاد والتخفي بين الاشجار بعد تبادل اطلاق النار بينهم وبين جنود الحملة.
كان معجب يقف على مسافه قريبة من مكان الاشتباك، وعندما تعرف على المغبش ذهب باتجاه الاشجار الى ان وصل الى المكان الذي تتمترس فيه المجموعة، واشار الى المغبش بالتحرك خفية الى داخل الطنجة المتواجده بالقرب منهم، وطلب من بقية المجموعة التحرك الى الجهة المقابلة ثم قام بإدخالهم في منزل احد المواطنين وطلب منهم الانتظار وعدم التحرك حتى يعود اليهم.
توجه معجب للبحث على احد اصدقائه السائقين فوجد (مرداس) قادما بشاحنته المحملة بالبضائع من عدن متوجهاََ نحو المدينة فطلب منه معجب ان يركن الشاحنة بالقرب من المنزل الذي تتواجد فيه المجموعة، وكان معجب قد قام باخفاء بندقية المغبش في احدى خانات الطنجة وسلمه ملابس متسخة بشحوم وزيوت الشاحنة كي يلبسها للتمويه.
انتشر عدد من عساكر الحملة لمطاردة المسلحين وقام اخرين بتفتيش عدد من الشاحنات الواقفة هناك، اشتبه احد العساكر بالمغبش وعندما تقدم نحوه، تدخل معجب بشكل سريع وهو يقول:
يا خبير هذا الجرشبل حقي مسكين الله يرحم عاد نحن الان واصلين من تعز..
ابتعد العساكر وذهب كلا من معجب والمغبش ومعهم مرداس الى المنزل الذي يتوجد فيه اصدقائهم الجنوبيين، حيث اخبرهم معجب بان مرداس هو المكلف بنقلهم الى مقر الجبهه القومية في المدينة بعد حلول المساء.
“فتوان” احد اقرباء المغبش كان يتواجد في الحوبان وتابع كلما دار بين المغبش وعساكر الحملة منذ بداية وصول شاحنة دوبح الى النقطة العسكرية وحتى لحظات انفجار القنابل واطلاق الرصاص وتحرك عدد كبير من عساكر الحملة باتجاه المغبش وجماعته ولم يستطع مواصلة المتابعة بسبب تواصل اطلاق النار ومنع المواطنين من الاقتراب من مكان الاشتباك.
تسربت الاخبار من قبل بعض الاهالي القادمين من اتجاه المدينة الذين تمكنوا من المرور الى بداية الخط الترابي المتجه نحو الراهدة، بان هناك قتلى وجرحى بينهم ضابط تابع للحملة وثلاثة عساكر اخرين وعدد من الجرحى، وان افراد تلك المجموعة مجهولة الهوية والتي رفضت تسليم اسلحتها للعساكر لازالت تقاوم وتحاول الانسحاب الى تلك التباب التي تقع باتجاه المدينة، مؤكدين استحالة تمكنهم الافلات من القبائل التابعين للحملة بعد ان تناول البعض قتل عدد منهم برصاص العسكر.
عند سماع فتوان لهذه الاخبار ايقن بان المغبش مقتول لا محالة فاصيب بالخوف والفزع وكي لا يتم القبض عليه في الحوبان كونه على معرفة بالمغبش فقد فضل الصمت والتحرك على الفور في اول بابور يتجه نحو مدينة الراهدة.
انتشر في الراهدة خبر مقتل المغبش بالحوبان اثناء اشتباكه هو ومجموعة مسلحة غير معروفة كانت بجانبه مع قوات الحملة العسكرية ، وقتل احد قادة الحملة الضباط وسقط ثلاثه عساكر اخرين ولا زالت الاشتباكات مستمرة حتى اللحظة.
اما “مرداس” فقد تمكن من الافلات من عساكر الحملة وقام بإيصال المقاتلين الجنوبيين الى المكان المحدد في وسط مدينة تعز، ولم تتمكن قيادة الحملة العسكرية من معرفة هوية المسلحين الذين طمع القبائل العسكر بسلب الاسلحة منهم، فقد اتضح فيما بعد ان الحملة لم يكن جميع من فيها جنود وانما غالبيتهم من صفوف القبائل الذين تم الاستعانه بهم في الحرب على الراهدة واجتياحها منتصف الستينات.
يتحرك معجب بطنجته من الحوبان ومعه المغبش باتجاه طريق الراهدة بعد ان حضر اليه احد السائقين من تعز يخبره بان الامانة وصلت و(دواس) يبلغك السلام ، اثناء السير في الطريق كان المغبش شارد الذهن، انه لم يستوعب تماما ان تقوم الجمهورية بشن حرب ظالمة على ابناء محافظة الراهدة ومناطقها التي قدمت المال والارواح فداء للثورة والجمهورية بل ولا زال ابنائها يسطرون الملاحم البطولية في نهم وصرواح وارحب والمناطق المحيطة بصنعاء ويواجهون الملكية بشراسة واستبسال بينما بعض القوى المتسلطة في حكومة صنعاء تقوم بارسال القوات المحسوبة على الثورة بدك مناطقهم ومنازلهم بسلاح الجمهورية التي فدوها بدمائهم وارواحهم.
كان بال المغبش ملي بالوساوس فذهنه مشوش الى حد كبير، انه يشعر بان هناك شئ غير طبيعي يحدث في اوساط حكومة الجمهورية ومجلس الثورة… ففي الوقت الذي كان المغبش يطوس بفكره بعيدا.. اذا بمعجب يقطع حبال تفكيره….
- معجب :
اينه سرح حسك ومغبش، بأي بحر يغوص. - المغبش :
ببحر من حلبة… طست عليا اللاعبه… مع دريت اين كحكاحه من قفداحة. - معجب :
وانت مو علوك تكارب نفسك، لا بواخرك غرقين بالبحر ولا مصانعك اتغلقوا… - المغبش :
كيف مو عليا الجماعة يتجهزوا شنزلوا الليلة والا باكر.. كيف نعمل بهم حنبنا.. ان قاومناهم حنبة وان سيبناهم حنبتيت. - معجب :
باين عليها اشتخطبط .. الجماعة نزلوا قوة من العسكر والقبائل، باين عليهم مصلبين صلابه بنت كلب، بانيين يعجنوا الراهدة عجن. - المغبش :
ذلحين مو معاهم للقشابه… شخلونا نجمهر صع الناس، والا قلبنا الصحن. - معجب :
والله ما يخلوا للراهده حالة. - المغبش :
الملكيه عندهم مش عندنا .. بدل ما يحاربوها هناك… نزلوا عندنا يجمهروا المجمهر، هيا كيف تشوفه يا معجب… اهل الراهده متمردين واللي يحاربوا الجمهورية بصنعاء مُصلهم. - معجب :
صدقك والله الجمهوريه ما تتواجد الا بين البابين…. من باب البلقة لا باب اليمن بس… - المغبش :
والباقي. - معجب :
متمردين مع الملكية. - المغبش :
اقول لك بنينا بصنعاء مجمهرين بالجرامل والكند، والجمهورية نزلت المدافع والدبابات تدك به بيوتهم… كيف تركب هاذي يا معجب. - معجب :
هي ما تركبش لكن يشو يركبوها بالغصب. - المغبش :
قولي ذلحين على مو كله هاذي الحنحنة والطنطنة.. - معجب :
على الجمرك… الراهدة ترسل كل يوم لا صنعاء طرابيل بريالات الفضة وجنيهات الذهب. - المغبش :
طيب لمو عاد البطرة. - معجب :
محافظ الراهدة قلهم ما يعقلش يا خبرة الراهدة تورد للدولة ملايين وما فيش داخلته ولا مشروع. - المغبش :
خبره صدق. - معجب :
قال لهم نشاء نبني مشاريع.. - المغبش :
يستقطع من بيس الجمرك وعمل مشاريع مو شوقع. - معجب :
التجار حقنا اتجاوبوا مع المحافظ واتبرعوا عمروا الاسبطان والمدرسة وسموهم باسم الثورة، وصلحوا الزريبة بدل سوق حروة وفعلوا مشروع الماء.. وجمهورية صنعاء كثر الله خيره ما قصرت ارسلت هاذي القوة منشان تدقهم. - المغبش :
يعني السبب كله لمو طالبت الراهدة بمشاريع من بيس الجمرك. - معجب :
مسائيل بصنعاء ما اعجبهمش الخبر.. بينهم البين متشاحنين ما سدوش على بيس الجمرك… عينوا واحد من عندهم مدير للجمرك وارسلوه للراهدة.. المحافظ قلهم ان كان اشتعينوا مدير للجمرك عينوا واحد من هنا، مو تحسبوا مكالف الراهدة يخلفينش رجال لما تندولنا مدير من حق مطلع…. - المغبش :
مع لقوش بمو يتعذروا رجعوا يقولوا اليكم يا خبره الراهدة اتمردة.