- نبيل الشرعبي
يا الله.. حوالي 48 ساعة تفصلنا على فاجعة رحيل الدكتور محمد الزوبة.. رحمة الله تغشاه ولأسرته ولي دائم العزاء والمواساة وعظيم الصبر والاحتساب لك يالله..
لا ارغب في تذكر تاريخ هزمني وأورثني الفراغ والوجع.. فقط كان قبل عام ينقص 48 ساعة.. وصلتني رسالة فاجعة.. الأخ نبيل: الدكتور محمد في ذمة الله.. فقدت توازني وكاد هاتفي يسقط من يدي.. أسندت ظهري إلى جدار سور محاولاً التماسك، إلا أنه كان مجرد عبث.. فالسور الأعظم الذي طوق حياتي بالحب والتقدير والنصح والتوجيه والوفاء والصداقة العبقة بالنقاء والصدق، كان قد تهاوى وتركني فاجعة تخور على مداخل رحلة تزداد كل يوم قتامة.
حاولت التمني بأن تكون الرسالة، وصلتني عن طريق الخطأ، إلا ان قدر الله كان حقاً.. لم أعرف آنذاك ماذا أقول وبماذا أرد على رسالة أم حسام، بل وأمي أيضا.. رسالتها التي كانت خالص استغاثة بأحد أبنائها وهي البعيدة عنا في دولة الهند ويفصلني عنها ألاف الكيلو مترات.
انكسرت من أعماقي.. الدكتور محمد الزوبة.. في ذمة الله.. كأنه الأن وليس قبل عام ينقصه 48 ساعة.. كأنه الأن وسيظل حاضر اللحظة دائم ما وهبني الله من عمر.. رحمة الله تغشاك والدي وأخي وصديقي ومعلمي وموجهي الدكتور محمد الزوبة.
365 يوما ينقصها 48 ساعة، بتوقيت الزمن.. و365 انكسار وخوف وحُزن، بتوقيت الوفاء لأجل وأعظم وأنبل رجل عرفته في حياتي.. 365 يوماً إلا 48 ساعة من الترقب والأمل بعودة أنقى روح وأبهى وأعظم رجل قادني القدر إلى التعرف عليه حتى غدوت، لا أرى الدنيا والحياة إلا من عينيه وروحه الزاهدة المناضلة الشريفة والكريمة.
قبل رحيله بعدة أيام، وصلتني رسالته الأخيرة من الهند.. نص رسالته رحمه الله عليه: “السلام عليكم صديقي وأخي الغالي نبيل الشرعبي.. إنني مشتاق إليك والجلوس معاً.. سامحني على التقصير معك.. بأذن الله سأعود قريبا ونلتقي وأحتفي بك كالعادة، فأنت ويشهد الله أنك واحد منُا”.
اعتذرت له رحمه الله على تقصيري أنا معه، لكونه في رحلة علاجية، ومن الواجب أن أكون إلى جواره وسنده.
كنتُ في انتظار عودته، وكلي شوق إلى عناقه كأب وأخ وصديق ومعلم أمين.. وشاء القدر أن يتحول حديثي معه إلى عزاء وفاجعة.. لله ما أخذ ولله الأمر من قبل ومن بعد.. وإن لله وإن إليه راجعوان..
في مقام الفاجعة المتوالية، وأنا أعيش 365 يوماً بلا معلم وبلا أخ وبلا صديق وبلا موجه أمين، وبلا سياج يحميني من نهش البؤس والظلم.. في هكذا مقام لا يمكنني الحديث على روح فقدتها وضوء غادرني.. وأكتفي بوجعي المتوالي وفاجعتي المتوالدة مع كل لحظة تمر..
قبل عام إلا عدة ايام كان وداعي الأخير له، وهو يغادرنا نحو عالم الخلود الأبدي.. تمنيت أن أظم عليه جفني عيني، لا ان يوارئ التراب.. وحينها تذكرت رثائية الشاعر زهير وهو يرثي ولده.. أيا قبر الحبيب وددت أني حملت في عيني ثراك.. سقاك الغيث هتاناً وإلا فحسبك من دعائي ما سقاك..
ما أقسى ان تقف على عتبات قبر تواري روحك التراب.. روحي ودعت روحي.. رحمة الله تغشاك، رحمة الله تغشاك يا دكتور محمد الزوبة ولأسرتك ولي دائم العزاء والمواساة..
يا الله… اللهم إني عبدك، وإن حل عليا ضيف أكرمته، والدكتور محمد الزوبة- أبي ومعلمي وأخي وصديقي، ضيفك وأنت أكرم الاكرمين.. يا الله يا الله يا لله..