- ضياف البراق
يقرأ كتابًا صغيرًا في الإلحاد أو عدّة مقالات إلحادية، ثم يصدقها بدون فحص وتدقيق، ويحفظ حفنة معلومات من هنا وحفنة أخرى من هناك، ثم يفتح الفيسبوك ويدبج لنا منشورات إلحادية سخيفة بلا حدود، كم هو مسكين. نعرف أنّ الأديان بريئة بطبيعتها، وليست ضد الإنسان في كل حاجة، كما يزعم الفارغون المزايدون، ونقدها يتطلب إلى فكر رفيع وإلى لغة مهذبة غير قاسية. اعلموا أن العقل الفارغ صاحبه متعصّب حتى لأتفه الأمور، ويعشق الفشرة والمزايدة.
إيه والله يظل طوال الوقت يطلفِس منشورات تافهة لا تستند لا على حقائق علمية ولا تاريخية ولا تقوم على لغة سليمة من الأخطاء القواعدية البسيطة لكي نحترمها على الأقل. الطلفسة شيء، والفلسفة شيء آخر، يا أخي سِرْ طلفِس بعيدًا. الطلفسات تخرب العقول وتهدم ما تبنيه الفلسفات. ثم إنّ الاستمناء الفكري روائحه دائمًا كريهة.
المزعج في الأمر أنه يمارس الإلحاد كموضة فقط لا غير، وبكل غباء يتعامل مع المختلفين مع أفكاره المهترئة، وعلى هذا المنوال يركض سريعًا فوق رؤوسنا المتعَبة. على أساس أن الإلحاد هو كل شيء لكي يتقدم العالم. اطرح أسئلة جديدة أو لا تكتب في مجال شائك كهذا. المشكلة أيضًا أنه سخيف الفكر جدا، ومع ذلك يصدّق نفسه أنه عبقري وكلمته هي الحق بعينه، وهو في ذلك، طبعًا، لا يحرّر العقول البليدة بل يزيد يوسّخها أكثر من اللازم.
طيّب، من حقك تلحد، هذا متفق عليه، لكن لا تكن متطرّفًا مثل الرجعيين العميان، أرجوك لا تزعج مزاجنا بسخافاتك المقرفة بلا حدود، واعلم أنّ الناس حاليًا مشغولين بكورونا، جميعنا نتشبّث بما تبقى لنا من حياة لعينة وسط كل هذا البؤس الهائل المحيط بنا من كل جهة، والله هو أملنا الوحيد والأخير.
ثم إنّ ميدان الثقافة والفكر مش لاستعراض العضلات، ولا للتقليد والتكرار، ولا يحتمِل ترداد الكلام الفارغ السخيف، احترم عقولنا، وخليك في البيت قبل أن يصرعك الملعون كورونا صرعة الجن، والباقي من إلحادك احتفظ به لنفسك، وبالتأكيد أنك ستتعلم مع الوقت كيف تكون حرًا جميلًا. إن الحرية الفكرية الشريفة، الجميلة، لا تصبح حمقاء وقبيحة إلا على يد الأحمق. عمومًا، أنا هنا لا أتحدث من باب ضيّق، ولا أقصد شخصًا بعينه، فمشكلتي ليست مع الأشخاص بل مع الأفكار.