مساء الخير بابا ، وكل عام وأنت بخير يا بطلي ، أتعلم ماليوم إنه الأول من مايو أحد الأيام التي يحتفل بها العالم بعمال العالم ..
أتدري يا أبي وروحي !
لا زلت أتذكر جيداً الأيام التي عملت فيها كمزارع في أحد مشاتل اصدقائك في صنعاء ، لا زلت أتذكر عودتك إلى المنزل منهكاً غير قادر على الحديث يحيط التراب بأظافر يديك ويختبئ بعض منه تحت أظافرك ، كنت حينها بالرغم من ادراكي أنك متعب ومنهك إلا أني حينها وبسبب صغر سني كنت متذمرة جداً بشأن مصروف مدرستي و كل ما نأكله في المنزل ، أتذكر أيضاً أنك توقفت وقتها حتى عن مضغ القات و كنت تعمل حتى ساعات متأخرة في تلك الفترة وحين تعود تدلف مباشرة إلى غرفتنا لتستلقي على سريري أتذكر جيداً شكل يديك أكثر من تذكري حتى لوجهك ، أستطيع رسم تلك العروق البارزة في يديك ،و الشقوق التي ملأت باطنهما ، وكذلك الشحوب الذي غطاهما والتراب الذي علق بهما أستطيع رسمهما دون أن اخطئ في تفاصيلهما البته..
أتذكر أيضاً أني كنت أستلقي بجوارك لكني كالعادة كنت أتذمر من عدم لعبك معي ،و من عملك حتى وقت متأخر كنت لا أهتم بما تشعر به من إنهاك وتعب لكنك لم تكن كأي أب إذ كنت تعوضني بقراءة الروايات لي والبقاء معي في السرير حتى أنام ..
اليوم يا بابا أنا متعبة روحي متعبة ، وقلبي متعب ، وعقلي لا يختلف عنهما ، أريد الاستلقاء والنوم بجوارك كسابق عهدنا ، أريد يدك لتمنعني من السقوط إلى الهاوية ، ولتعيدني إلى المسار الصحيح ، أريدك أنت وحدك أنا ضائعة متخبطة دونك ، لا شيء يشعرني بالكآبه كشعوري بأني لست محمية ، لست أمسك بيد أبي كالسابق وأذهب معه إلى كل مكان أريده ، أنا لا أشعر بالأمان في هذا العالم ولا يخيفني مرضه و لا حروبه ، يخيفني فقط غيابك والله لا شيء سواه ، أفتقدك كثيرا .